فِي لَيْلَةِ العِيدِ قدْ غَابُوا وَمَا حضَرُوا
وَغَابَ فِي إِثْرِهِمْ مِنْ حُزْنِهِ القَمَرُ
وَكُنْتُ أذْكُرُهُمْ إنْ أَعْلَنُوهُ غَدَاً
تَبَاشَرَ الحَيُّ وَالأطْفَالُ وَالحَجَرُ
فَأيُّ عِيدٍ عَلَى العَمْيَاءِ بَعْدَكُمُ
يُغْرِي وَهَذا النَّوَى يَبْلُو وَيَسْتَعِرُ
مَسَكْتُ رَأسِي بِعَشْرِي يَالِغَيْبَتِكُمْ
وَاللّيْلُ دَاجٍ فَلا نَوْمٌ وَلا سَهَرُ
وَطِفْتُ رَبْعَاً قَدِيمَاً قَدْ بَرَى جَسَدِي
وَاليَوْمُ لَمْ يَبْقَ إِلّا النُّؤْيُ وَالأثَرُ
وَضَاعَ عُمْرِي عَلَى مَاضٍ فَوَا أسَفَى
أَحْدُوا لَهُ وَالهَوَى قَاسٍ وَمَا غَفَرُوا
وَاسْتَوْحَشَ القَلْبُ حَتّى خِلْتُهُ جَدَثَاً
رَثَّ المَعَالِمِ لا وِرْدٌ وَلا صَدَرُ
كَأنّهُ فِي جَوَى مِصْرٍ عَلَى حِمَمٍ
حَتّامَ رُوحِي وَمِصْرٌ كُلُّها سَقَرُ
وَلَيْسَ أَوْجَعَ مِنّي حِينَمَا احْتَرَقتْ
فَوْضَى وَقَامَتْ عَلى أَهْرَامِهَا النُّذُرُ
وَصِرْتُ أَرْقُبُ فِيهَا كُلَّ مُعْتَرَكٍ
وَأَسْألُ الرَّكْبَ عِنْدَ الفَجْرِ مَالخَبَرُ
فَإِنّ مِصْرَاً ثَرَاهَا فِي جَوَانِحِنَا
وَإِنَّ مِصْرَاً عَلَيْهَا القَلْبُ يَنْفَطِرُ
أَيْنَ الأُخُوّةُ فِي الإِسْلامِ إِذْ قُطِعَتْ
كُلّ الأوَاصِرِ وَالآياتُ والسُّوَرُ
وَأَمْطَرُوهَا الرَّزَايَا دُونَمَا سَبَبٍ
وَأحْرَقُوهَا وَفِي ضَوْضَائِهِمْ بَطَرُوا
وَالنّيلُ يَسْتَصْرِخُ الدّنْيَا وَأزْهَرُهَا
جُرْحٌ يَصِيحُ بِهِمْ لَكِنّهُمْ كَفَرُوا
وَكَسَّرُوا العُرْوَةَ الوُثْقَى فَسَالَ دَمٌ
وَأَرْهَبُوهَا وَفِي المَيْدَانِ قَدْ هَدَرُوا
قَامَ النَّعِيُّ وَلَمْ تَفْتُرْ عَزِيمَتُهُ
وَحَلَّ فِي مِصْرَ مِنْ تَأْزِيمِهِمْ قَدَرُ
وَضَاقَ ذَرْعَاً عَلَى مَوْلايَ مَنْظَرُهَا
إِذْ يَمْتَطِيهَا عَلَى لَأوَائِهَا الحَسَرُ
فَهَبّ قَرْمَاً وَفِي النَّعْمَاءِ أَلْفُ يَدٍ
تَفِيضُ مِنْهُ عَطَاءً حِينَ يَبْتَدِرُ
هَذَا أبُو مِتْعِبٍ فِي كُلّ مَلْحَمَةٍ
وَيَصْطَفِيهِ النُّهَى وَالرَّأيُ وَالنَّظَرُ
يَا سَيّدِي مَنْ لِمَصْرَ اليَوْمَ إِنْ مَرِضَتْ
وَمَنْ سِوَاكَ يُدَاوِيهَا وَيَصْطَبِرُ
وَكَيْفَ تَهْنَأُ فِي عَيْشٍ وقَدْ خَطَفُوا
رُوحَ العُرُوبُةِ فِي عَامٍ وَمَا اعْتَذَرُوا
فَشَعْبُ مِصْرَ غَنِيٌّ عَنْ نَوَافِلِهِمْ
والأزْهَرُ الحقُّ فِيهِ الفَرْضُ يَنْتَشِرُ
وَقَامَ لَمَّا رَأى الأيْدِي تَخَطَّفَهُ
مِثْلَ المَنُونِ فَمَا وَفَّوْا وَمَا جَبَرُوا
وَفَيْتَ عَهَدْكَ لَمَّا قُلْتَ فِي ثِقَةٍ
إِلّاكِ يَا مِصْرُ إِنْ خَانُوا وَإِنْ غَدَرُوا
لَكِ اليَمِينُ عَلَى الأيّامِ مَا بَقِيتْ
وَلِلْكِنَانَةِ عَهْدٌ لَيْسَ يُنْتَظِرُ.
- عميد الموهبة والإبداع والتميز في جامعة الإمام محمد بن سعود