ربما تتعدى أمريكا كل الأعراف الدولية وتذهب لمحاربة كوريا الشمالية في أقصى الكرة الأرضية، وقد تراها تدخل في أدغال أمريكا الجنوبية بلا استئذان وبلا شروط ولا مواثيق، بينما إسرائيل تراقب التحركات الفلسطينية وما حولها على مدار الثانية وإجهاض أي محاولة للتفوق على مستوى البشر والآلات والمال.
وفي خضم هذا الحراك، تمَّ تحطيم الجيوش الكبرى: هتلر، اليابان، محمد علي باشا، السوفييت، شاه إيران، العراق، وتمَّ تدمير اقتصاد النمور الآسيوية قبل أكثر من عقد من الزمان، وتظل المراقبة لأي قوة تظهر محل أعين أمريكا ومن يدور في فلكها.
كل ذلك يتم من أجل عيون (الأمن القومي) لأمريكا وإسرائيل، وهي سياسة معلنة ولا تحتاج إلى تحليل ولا وثائق ولا أدلة، وهم يتحركون عالمياً على هذا الأساس ولا مجال للعب والاجتهاد والمزايدات على هذه القيمة.
لن نناقش الأمريكيين في هذا التوجه، ولن نضع منه قضيتنا باعتباره خارج دائرة قراراتنا، لكنه يدخل ضمن الاعتبارات السياسية، على أي حال ليس هذا موضوعنا، موضوعنا هو مناقشة مفهوم (أمن الخليج) وماذا فعلت دول الخليج بهذا الشأن؟.. فإذا كان الأمريكيون يجوبون القارات طولاً وعرضاً خوفاً على أمنهم القومي، فماذا فعلنا نحن؟ إذا كان الأمريكيون يعقدون الصفقات مع أعداء الأمس وأصدقاء اليوم، فماذا فعلنا نحن؟ إذا كان المواطن الأمريكي هاجسه اليومي (الأمن) ولا شيء غيره، فماذا في أذهان مواطني الخليج وقادة الرأي بها؟
أمريكا تتدخل في مصر من أجل (أمنها القومي)، فهو تدخل إستراتيجي أكثر من أي توقعات أخرى، فماذا يعني تدخل دول الخليج؟ هل هو من أجل (أمن الأوطان) أم من أجل إثارة القلاقل والفتن في أوطانها؟ هل نستضيف فتن الجوار؟ أم نلقي أنفسنا بها؟ أم نروِّج لها؟
هل بعض قادة الرأي، يدعون لأمن الأوطان؟ أم يجرون البشر للحروب والخوف والترويع؟ هل يتصفون بالكياسة والسياسة والحصافة؟ أم بالحماقة والهياج والخراب؟
لا مجال - في تقدير العقلاء - للعب بالأمن الوطني، ولا يحق لأي كائن أن يفسده علينا، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال فرض (قانون) واضح وجلي يجرِّم من يتلاعب بالأمن بأي صورة كانت، أو يُشكِّل تنظيمات حزبية أو طائفية أو قبلية أو إقليمية على اعتبار أن الأمن الوطني على مستوى الخليج خط ناري غير قابل للاقتراب أو المساومة، وعلى أساسه تكون صفقاتنا الدولية.
nlp1975@gmail.com