تونس - فرح التومي:
بدأت القطيعة تتعمق بين حركة النهضة وباقي الأحزاب السياسية خارج الترويكا؛ إذ اتضحت الهوة الواسعة التي تفصل بين الترويكا الحاكمة والمعارضة التي تعمل على إسقاطها بشتى الطرق؛ إذ استغلت أحزاب المعارضة خوف التونسيين من تكرار سيناريو مصر بتونس، ودعت حركة النهضة إلى الاتعاظ بذلك والتنازل والقبول بحل الحكومة والمجلس التأسيسي حقناً للدماء وتوفيراً للوقت، حسب تعبيرها. وعلى عكس ما هو منتظر، زادت أطراف الصراع تمسكاً بمواقفها؛ ما ينبئ باتخاذ الأمور منحى خطيراً طالما أن معتصمي الرحيل أمام المجلس التأسيسي يرفضون فك اعتصامهم قبل تنفيذ مطالبهم، في حين يتشبث معتصمو الشرعية بدعوات التهدئة وفتح باب الحوار. وفي جانب متصل لم تصدر أية تسريبات حول لقاء جمع الشيخ راشد الغنوشي بباريس بالباجي قائد السبسي رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب حركة نداء تونس، بالرغم من اختلاف الرؤى والمنافسة الشرسة بين الحزبين وأنصارهما. وكان القيادي والناطق الرسمي باسم حركة نداء تونس رضا بالحاج أكد أمس أن لقاء الخميس الماضي بباريس بين الرجلين تم بطلب من الغنوشي، وخصص لتدارس الأزمة السياسية التي تعيشها تونس منذ أكثر من شهر بعد حادثة اغتيال النائب محمد البراهمي. وقال بلحاج في تصريحات صحفية: وضعت حدًّا للشائعات بأن الباجي قائد السبسي عبّر أثناء اللقاء عن تمسكه بالأرضية المتفق عليها في إطار جبهة الإنقاذ الوطني التي دعمتها المنظمات الاجتماعية سعياً لإيجاد مخرج واتفاق للأزمة الراهنة التي تمر بها تونس، خاصة تشكيل حكومة كفاءات تترأسها شخصية وطنية مستقلة كخطوة أولى للجلوس على طاولة المفاوضات.
وطلب السبسي أيضاً من رئيس حركة النهضة التعاطي الإيجابي مع المبادرات السياسية للمعارضة ومكونات المجتمع المدني والمنظمات الوطنية لتجنيب البلاد ما لا تُحمد عقباه، خاصة مع تأزم الأوضاع الاقتصادية وتدهور الحالة الأمنية بشكل مخيف.
ويتوقع المتتبعون للشأن المحلي أن تشهد الأيام القادمة تألفاً ووفاقاً بين أبرز عدوين سياسيين بعد الثورة (النهضة) و(نداء تونس) الذي ضم إلى عضويته آلاف المنتمين إلى حزب التجمع المنحل سابقاً.
إلى ذلك أُعلن أن لقاء يوم غد بين الشيخ راشد الغنوشي والحسين العباسي الأمين العام لأكبر منظمة شغيلة أي (اتحاد الشغل) سوف يكون بالغ الأهمية بالنسبة إلى كلا الطرفين؛ لأنه سيحدد بوضوح الموقف النهائي من الاتحاد، وعلى ضوئه فإن الاتحاد سيتجه في أحد الاتجاهين، إما نحو تصعيد الاحتجاجات من خلال تجييش الشارع، أو من خلال المضي قدماً في إعادة الروح للحوار الوطني من أجل إيجاد حل جذري للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ ثلاثة أسابيع.
ميدانياً، أعلنت الجزائر أن قواتها العسكرية المرابطة على الشريط الحدودي مع تونس كانت هدفاً لإطلاق نار كثيف من طرف عناصر إرهابية مسلحة قبل أن تتمكن من الفرار إلى أدغال الجبال الحدودية. وترجح السلط الجزائرية أن تكون هذه العناصر من الهاربين من قصف الجيش التونسي لجبل الشعانبي. وتواصل قوات الجيش التونسي حملاتها التمشيطية للجبال والقرى المتاخمة لجبل الشعانبي الذي يكاد يخلو من الجماعات المسلحة. وكانت قوات الأمن قد نجحت في الأيام القليلة الماضية في إلقاء القبض على العشرات من المسلحين ومن المدنيين الذين ثبت تعاملهم مع العناصر الإرهابية من خلال مدهم بالمؤونة الغذائية وهو يعلمون انتماءهم لكتيبة عقبة ابن نافع المنضوية تحت راية تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.