يعتقد بعض (الآباء) أنّ التطوُّر والتقدم والحرية تعني (ترك الحبل على الغارب) للأطفال لخوض غمار التثقُّف، والتعرُّض لكل ما تحويه وسائل التقنية الحديثة من مقاطع وروابط، والتعامل مع محتويات وسائط التواصل الاجتماعي بشكل مستقل!.
وهذا أمر خاطئ ويُعد إهمالاً وإخفاقاً، ومخالفة لأبسط حقوق الطفل في التربية، ليس على ميزان العقلية الإسلامية والعربية فقط، بل حتى طبقاً لمعايير التفكير السليم في البيئات والأيدلوجيات الحرة والديمقراطية العالمية الرشيدة، والتي تدعو للحفاظ على براءة الطفولة، بعيداً عن تقلُّبات وأمزجة مستخدمي هذه الوسائل بشكل غير أخلاقي أو منضبط؟!.
للأسف الشديد (الغرب) أكثر حرصاً منا في هذا الجانب، حتى تفوّق علينا في مسألة أخلاقيات التربية (للطفل)، وفقاً لقواعد نؤمن بها في الأصل، وندعو لها في كل وقت وحين .. ولكن لا نضمن تطبيقها؟!.
ففي الوقت الذي تبقى فيه دعوات مراقبة استخدام الأطفال العرب للإنترنت أو لوسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي مجرّد (خطب، أو حبر على ورق)، تقدّم على استحياء، عبر منابر وخطباء المساجد، وبأصوات ومشاركات وحديث خبراء التربية في وسائل الإعلام العربية، قدّم الغرب (خطوات ومبادرات عملية) لذلك، ولعلّ المبادرة الألمانية هي الأشهر والأنشط!.
مبادرة (راقب ما يفعله طفلك بالميديا) ليست تعقيداً، أو كبتاً لحريات الطفل أو النشء، فقد خرجت من رحم (الحرية الأوربية والأمريكية)، وهي تدعو الآباء للتعرُّف على كل ما يتصفّحه الطفل في الشبكة العنكبوتية، ومراقبة ذلك والتحذير من مخاطر بعض الموضوعات المطروحة والمواقع المشبوهة، مع منح الطفل الثقة اللازمة في نفسه!.
الأمر لا يقتصر على الإنترنت، بل حتى محتويات الهواتف الذكية مثل (الواتس أب، بلاك بيري .. الخ) يجب أن تخضع هي الأخرى للمراقبة (المُعلنة) والمتفق عليها مع الصغير، من غير أن يشعر الطفل (بالتجسُّس) ويفقد الثقة المتبادلة مع والديه!.
أما الهمّ الأكبر فهو الشاشة والقنوات الفضائية التي يجب أن تحدد أو قات مشاهدتها، وتعرف أسماؤها مسبقاً، وتفحص برامجها..!.
القوانين الغربية تبعاً لأحداث ووقائع وتوصيات علمية (نصّت ومنحت الوالدين حقّ المراقبة والمنع)، فيما نحن وللأسف الشديد في العالم العربي نتحدث عن أهمية المراقبة أكثر منهم، ونتجادل في ذلك دون (خطوة عملية واحدة)؟!. نحن نتمنى والغرب ينفِّذ !.
وعلى دروب الخير نلتقي .
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com