فاصلة:
«لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر»
- حديث صحيح لأشرف الخلق عليه الصلاة والسلام-
في جامعة سالفورد بالمدينة الإعلامية وتحديداً بالمقهى البسيط الذي هو عبارة عن غرفة صغيرة بها ماكينة لصنع القهوة وبعض الأدوات البسيطة لصنع الشاي وموظفة لاستلام النقود، قابلت رجلاً وأنا أنتظر دوري لصنع كوب قهوتي، حسبته أحد الطلاب، اعتذر لي بلطف أن أمامه بعض الوقت لأنه يعد 3 أكواب من القهوة، ودار بيني وبينه حديثٌ لطيف عن الجامعة وعنوان بحثي، وقبل أن ينتهي من قهوته قدم لي بطاقته، فإذا به رئيس قسم الإعلام بالجامعة.
تفاجأت بالطبع لأن كل ما قام به من سلوكيات عنوانها التواضع وعدم وجود الأنا المتضخمة والتودد في الحديث، لا يمكن أن أتخيله يصدر مثلاً من رئيس أو رئيسة قسم في جامعاتنا إلا من رحم ربي.
ما زلت أذكر بعض الذين لديهم درجة الدكتوراه يذكروننا بها إن نسينا ونادينا أسماءهم مجردة بدونها.
وما زلت أذكر أول يوم التقيت فيه بمشرفي في الجامعة، حيث سألته كيف يحب أن أناديه وهو بروفيسور في الإعلام فقال لي «جورج»!!
التضخم حول الأنا مشكلة حقيقية تواجه الإنسان نفسه قبل أن تضايق الذين يتعامل معهم في الحياة، فالأنا حين تتضخم يعني ذلك انخفاض نسبة الوعي عند صاحبها، وكلما انخفض تضخم الأنا زاد مستوى الوعي.
أتذكَّر دوماً كلمات قالتها لي حبيبتنا الدكتورة خيرية السقاف: «درجة الدكتوراه ليست مجداً.. ولا تعني أن صاحبها لديه معرفة بكل شيء.. إنه فقط خبير بجزئية بسيطة هي بحثه».
كنت وقتها لم أحصل على درجة الماجستير بعد، لكني تعلمت معنى أن الألقاب ليست مهمة والمناصب ليست هي عنوان الإنسان إنما هي مجرد اهتمامات بالقشور، وحين أراد الله أن أدرس الدكتوراه على يد البريطانيين أدركت تماماً معنى أن الألقاب لا ترفع قدر الإنسان إذا لم يستطع أن يكون رفيع القدر بأخلاقه.
nahedsb@hotmail.com