يعتبر اليمن جزءاً من النسيج العام لدول الخليج العربي، يرتبط به ارتباطاً -إثنياً وتاريخياً-، كما أنه جزء من معادلة التوازن الإقليمي في المنطقة. -ولذا- فإن استقراره الذي يواجه تشدداً قاعدياً، وانفصالاً جنوبياً، وتمرداً شمالياً، وتبايناً في الطيف السياسي، وتعدداً في الفصائل السياسية المختلفة، -إضافة- إلى جانب الحالة السياسية غير المستقرة، يمثل أولوية دولية، وإقليمية.
لم تتمكن اليمن من فرض سيادتها على جميع أقاليمها؛ بسبب عوامل داخلية بنيوية في المجتمع اليمني، مثل: القبلية، والمذهبية، والمناطقية، -إضافة- إلى عوامل خارجية تتحرك في إطار تلك العوامل الداخلية. -وبمرور الأيام- اكتسب الصراع أطيافاً جديدة أمام التحديات المعلنة، الأمر الذي جعل الوصول إلى حل تلك الملفات الشائكة، قد يبدو بعيد الاحتمال.
ليس من مصلحة اليمن، أن تقتصر محاولاتها تجاه قضايا المنطقة على الآمال، والتطلعات. بل إن الرؤية الواقعية تستوجب دفع اليمن إلى القيام بدور يساهم في تحقيق أمنه، وأمن دول الخليج العربي، واستقرارهما؛ من أجل مواجهة التكتلات الإقليمية، والدولية؛ انطلاقاً من موقعه الجيو إستراتيجي، والأمني، والعسكري، وبعد التكامل السياسي، والاقتصادي، -إضافة- إلى بعد العمالة اليمنية في دول المنطقة؛ للوقوف سداً منيعاً أمام مشاريع التمدد، والهيمنة، التي تسعى إلى إبقاء المنطقة في حالة من عدم الاستقرار.
كذلك، فإن عدم الاستقرار السياسي لليمن، تعتمد على معادلة عدم التوازن، والشراكة السياسية بين مكونات الدولة، -وبالتالي- فإن أهمية تقييم المحددات السياسية، والاقتصادية، وتداخلاتها الإقليمية، والدولية المؤثرة، هي التي جسدت أبرز مؤشراته الرئيسة في مضمون نص المبادرة الخليجية، وآلياتها التنفيذية المزمنة، والتي وصفها -الرئيس اليمني- عبد ربه منصور هادي -قبل أيام-، بأن «المملكة العربية السعودية -بقيادة خادم الحرمين الشريفين-، وبوصفها الراعية، والداعمة للمبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية المزمنة، حريصة على إنجاح التسوية السياسية، ووحدة، واستقرار اليمن».
ووجهة النظر -تلك- هي التي استعرض بعض أهم ملامحها الرئيسة -الدكتور- طارق الحروي، كونها تأتي من متخصص في الشئون الإستراتيجية ضمن الملف الخليجي، واليمني، والسعودي منه -خاصة-؛ ليبرز الموقف -الخليجي السعودي- بأبعاده الدولية، وبكل هذا الوضوح، والشفافية. ومن ثم الاستعداد غير المطروق مسبقاً؛ لتحمل تبعات كامل المسئولية إزاء إخراج اليمن من محنتها، والمساهمة الفاعلة في ضمان الانتقال الآمن لليمن -دولة وشعباً وتاريخاً وطموحاً-، إلى مصاف الدولة المدنية الحديثة، بكل ما تحمله هذه العبارة من معاني، ودلالات، واتضحت بموجبه حقيقة طبيعة، ومستوى، ومن ثم حجم الاهتمام -الخليجي الدولي- بما يجري في اليمن.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية