حتى الشَّجاعة والمواقف لها درجات ومستويات، فالوقوف مع الحقِّ دون أن ينالك ضررٌ وحتى التَّعرض لضغوط هو موقفٌ شجاعٌ، إلا أن التصدّي للباطل ومن يناصر هذا الباطل في موقف حازم وصارم دون تردّد، ودون الولوج فيما يُسمّى بالمنطقة الرمادية شجاعة، ليس قادرًا كل امرئ على القيام بها، فما بالك إذا كان الموقف الشُّجاع من قبل قائد يقود دولة لها مكانتها وموقعها المؤثِّر ليس في محيطها الإقليمي، بل تشكّل ركنًا أساسيًّا في الفضاء الدولي، الجميع ينتظر موقفها، عندها يكون قائد هذه الدَّوْلة موقفه مميزًا وشجاعة في اتِّخاذ القرار تتجاوز مواقف وشجاعات الآخرين.

خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ووفق ما صرح به وقاله عمَّا تشهده مصر وما تواجهه من هجمة شرسة من أعداء العروبة والإسلام وممَّن اعتنقوا الضلالة وامتهنوا الإرهاب، لا يمكن حصره فقط بالموقف الشُّجاع فقط، بل يتعدى ذلك إلى مسارات ومضامين، فهو بالإضافة إلى شجاعته وتوقيته الذي لم يغب عن الراصدين الدوليين؛ لأنَّه جاء في خضم تكالب قوى دوليَّة تحاول أن تسلب المصريين حقِّهم في اختيار الحكم الذي يريدونه وأن يواجهوا الاستبداد والإقصاء، ولهذا جاءت أقوال خادم الحرمين الشريفين حازمة وواضحة جدًا، ولم يختر كلمات رمادية، بل ناصعة بيضاء سهلة القراءة وبالذات للدول التي لها علاقة بالمملكة والمنطقة العربيَّة التي حاولت أن تُؤثِّر في الأحداث لمصلحتها ومصلحة من تحالف معها وعقدت الصفقات المريبة، كما أن وضوح كلمات الملك والذي أكَّد وقوف المملكة إلى جانب الشعب المصري أشعر المصريين جميعًا بأنّهم ليس وحدهم ومن دولة لها ثقل دولي مؤثِّر وإقليمي يتبعه العديد من دول المنطقة وهو ما تجسِّده خلال بيانات التأييد من دولة الإمارات العربيَّة والكويت والأردن واليمن.

مواقف خادم الحرمين الشريفين التاريخية مواقف فاصلة، وهي هكذا دائمًا مواقف الكبار، فالذي سجّله ملك شجاع، رجل كبير يقود دولة كبيرة، رجل دولة له قيمة وقامة يقود دولة لها أهميتها عربيًّا وإسلاميًّا ودوليًا.

هذا الموقف سيضاف إلى المواقف النبيلة السابقة لقادة المملكة تجاه مصر وشعبها التي ستسكن في وجدان كل المصريين الشرفاء في وقت صمت، بل جبن الكثير عن قول الحقِّ وانضموا إلى الشياطين الخرس.