تأملت كثيراً وأنا أقرأ مفردات بيان وزارة الداخلية البحرينية - قبل أيام - بأنها تمكنت خلال شهر أغسطس الجاري من: “إحباط مخططات إرهابية، كانت تستهدف التأثير على سير الحياة، وتعطيلها، والإخلال بالمصالح العليا للوطن”؛
ليمكن القول بعد ذلك، بأن الإرهاب الذي تسانده دول، وما تتسم به عملياته الإرهابية الحديثة من تقنيات عالية، واستخدام واسع للتكنولوجيا، أو الإرهاب الفردي، وما تنطوي عليه من أهداف أيديولوجية، وانفصالية، وإجرامية، وينذرون أنفسهم لإنجازها، تعد أفعالاً محرمة في معظم قوانين الدول، وأنظمتها، ولها عقوبات رادعة تتناسب والمخاطر التي تنطوي عليها العمليات الإرهابية المختلفة، وهي تعد من جرائم الإفساد في الأرض.
تتعدد وسائل الإرهاب، وتختلف مظاهره، وأشكاله، وبعض الأعمال الإرهابية تستعمل تقنيات العلم الحديث المتقدمة في سبيل تحقيق أهدافها؛ للاعتداء على الأشخاص، أو وسائل النقل، أو الاعتداء على الأموال، والاستيلاء عليها، إلا أن العامل الرئيس للعمل الإرهابي، هو: الفزع، أو الرعب، واستخدام العنف، أو التهديد به. وكل هذه المظاهر، والأشكال تضمنتها الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، التي صدرت في القاهرة عام 1998م، ودخلت دور التنفيذ عام 1999م، ويمكن تقسيم الأفعال الإرهابية إلى ثلاثة أنواع، كما يذكرها - الدكتور - محمد الحسبني مصيلحي في كتابه الموسوم: “الإرهاب مظاهره وأشكاله”، الصادر عام 2006 م، وعمل على تلخيصه - الأستاذ - جاسم العيسى، على النحو الآتي:
النوع الأول: الأفعال الإرهابية التي ترتكب ضمن وسائل النقل، يعد من أخطر مظاهر الإرهاب. فالاعتداء على وسائل النقل بأنواعها المختلفة، كاختطاف الطائرات، والسفن، وتغيير مسارها بالقوة، واحتجاز ركابها، والاعتداء عليهم، أو قتل بعضهم لتكون وسيلة ضغط؛ لتحقيق أهدافهم الإرهابية، - فضلاً - عن وسائل النقل الأخرى، كالاعتداء على القطارات، ومحطات مترو الأنفاق، ووضع المتفجرات فيها.
النوع الثاني: الأفعال الإرهابية التي ترتكب ضد الأشخاص، ويشمل هذا النوع من الأفعال، الاعتداء على السلامة الجسدية للأشخاص، كحوادث الاغتيالات الموجهة ضد ملوك، ورؤساء الدول، ورؤساء الوزارات، والوزراء، ورموز السلطة العامة، ورجال السياسة، والدين، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، والهيئات الدولية، أو ضد الأبرياء.
النوع الثالث: الأفعال الإرهابية التي ترتكب ضد الأموال، والمنشآت. ومن أبرز أمثلتها: الاستيلاء على البنوك، وما فيها من أموال، أو إشعال الحرائق، وإلقاء القنابل، والمتفجرات على الأحياء السكنية، والتجمعات، والمراكز التجارية، - كذلك - توجيه الأعمال الإرهابية؛ لتدمير المباني الحكومية، وتدمير مباني السفارات، والقنصليات، أو مكاتب شركات الطيران.
أشكال الإرهاب!
تلعب أهداف التنظيم الإرهابي، وغاياته، دورًا في جعل الإرهابيين يتمتعون بقدر عال من المهارة في ممارسة العنف، وذلك من أجل جذب الانتباه. ومن أهم أشكال الجرائم الإرهابية، هي الآتي:
أ - عمليات التفجير، وتعد الأسلوب الأكثر شيوعاً، واستخداماً، وانتشاراً في معظم الجرائم الإرهابية في العالم، وذلك لأسباب عدة، من أهمها: أنه الأسلوب الذي يمنح الفرصة الكافية للإرهابي؛ لإكمال العملية الإرهابية، وإمكانية الانسحاب من مسرح الجريمة دون القبض عليه، أو اكتشافه، - فضلاً - عن أن هذا الأسلوب، يحدث في حال وقوعه قدرة عالية في جذب انتباه الجماهير، ووسائل الإعلام، أي: أنه حقق الغاية المرجوة، وهي الرعب، والإثارة، والتأثير السلبي في موقف السلطة السياسي، وحجم الأفراد المشاركين في تنظيم الجرائم الإرهابية.
ب - الاختطاف، وهو شكل من الجرائم الإرهابية، يوجه حيال الشخصيات السياسية، ويعد من الأشكال التي انتشرت، وبشكل مذهل في الآونة الأخيرة. والاختطاف لا يستثني المواطنين، خصوصاً الأغنياء منهم؛ بغية الحصول على الأموال منهم، أو من عوائلهم، كفدية مقابل حياتهم.
ج - احتجاز الرهائن، وهو من الأشكال التي تستخدم من قبل الجماعات الإرهابية؛ للحصول على مكاسب سياسية، تتعلق بمطالب التنظيمات التي يتبعونها، والضغط على الحكومات السياسية الحاكمة؛ لتحقيق مطالبها، وقد يسعى الإرهابيون إلى الحصول على مكاسب اقتصادية؛ لغرض الحصول على الأموال اللازمة لاستمرار التنظيم.
د - المصادرة، والابتزاز، وهما من الأشكال الشائعة التي تستخدم؛ من أجل الحصول على مكاسب عن طريق السطو المسلح، ومصادرة الأموال، أو ابتزاز الأشخاص، أو الشركات، وقيام التنظيمات بالإبتزاز، تَعّد من وجهة نظرها ضرورة قصوى تدعوها الحاجة؛ لكي تتمكن من تحقيق أهدافها.
هـ- تخريب المنشآت المهمة، وتدميرها، وهما شكل من أشكال الجرائم الإرهابية، ويتم ذلك عن طريق تخريب، وتدمير تلك المنشآت، أو مراكز المعلومات المهمة عن طريق سرقة تلك المعلومات، أو تدميرها، أو تخريبها.
و- الاغتيالات، وتوجه حيال الشخصيات المهمة، والسياسية في النظام السياسي الحاكم، والتي يعمل الإرهابيون في التخطيط لاغتيالهم؛ من أجل تحقيق شيء من الأهداف التي حددها التنظيم.
ز- خطف الطائرات، ويعد من أهم أساليب الإرهاب - منذ السبعينيات خاصة من القرن الماضي -، والذي أدى إلى زيادة اهتمام السلطات على مستوى العالم بتأمين سلامة الطيران المدني، واتخاذ إجراءات مشددة لتفتيش الركاب.
أهداف الإرهاب!
اتفق معظم الباحثين والكتاب في مجال الإرهاب على تحديد نوعين من الأهداف، تسعى لتحقيقهما القوى الإرهابية، ويتمثلان في الآتي:
1- الأهداف المباشرة، وهي التي تعلنها المنظمة الإرهابية أثناء تنفيذ العملية الإرهابية وتتمثل في:
أ- الحصول على الأموال؛ لتمويل نشاط المنظمة، وتجنيد أفراد جدد للعمل فيها.
ب- إطلاق سراح المعتقلين من السجون، - سواء - كانوا سياسيين، أو أفراد المنظمة الذين ألقي القبض عليهم في عمليات سابقة.
ج- اغتيال الخصوم بعمليات مكشوفة، أو مستترة.
د- تأمين خروج الأفراد القائمين بتنفيذ العملية الإرهابية بعد الانتهاء من التنفيذ، وذلك؛ لتحقيق آخر المراحل التي تؤدي إلى نجاح العملية الإرهابية.
هـ- عملية الدعاية اللازمة للمنظمة الإرهابية.
2- الأهداف غير المباشرة، هي الأهداف التي لا تعلنها المنظمات الإرهابية، ولكنها تسعى إلى تحقيقها. ويمكن أن تكون أهميتها للمنظمة أكبر، وأهم من الأهداف المباشرة. وتتمثل الأهداف غير المباشرة في الآتي:
أ- إضعاف سلطة الحكومة، أو إظهارها بالعجز؛ نظرًا لعدم نجاح الحكومة في الكشف عن العملية قبل تنفيذها، وعدم القدرة على مجابهة الموقف الناجم عن العملية الإرهابية.
ب- الحصول على اعتراف رسمي من الدولة بوجود المنظمة، أو الحصول على اعتراف دولي بوجودها نتيجة؛ لإعلان بيانات تفرض المنظمة الإرهابية إعلانها، وإذاعتها.
ج- إجبار الدولة على الإتيان بأعمال موجهة ضد المواطنين، بما يؤدي إلى فقدان الثقة في الحكومة، نظرًا لعدم قدرتها على تحقيق الأمان للمواطنين، ومواجهة المنظمة الإرهابية، والقضاء عليها.
د- خلق متعاطفين مع المنظمة الإرهابية من رعايا الدولة.
هـ- ضرب السياحة، واقتصاديات الدول، والأمن فيها، ويمتد إلى مرتكزات القوة، وعواملها لدى الدول التي تمنحها الشرعية، كالدين، والاقتصاد، والأمن.
بقي القول: إن العمل على ضرورة وضع خطة اجتماعية، يكون الهدف منها معالجة هذه العوامل، وهذا ما نادى به المؤتمر السادس للأمم المتحدة لمنع الجريمة، ومعاملة المجرمين بما تضمنته الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، - وكذا - الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، كفيل - بإذن الله - بالتقليل إلى الحد من العلميات الإرهابية، والقضاء عليها.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية