شخصياً لا أرغب السفر في أوقات الذروة، وهي الأوقات التي تزدحم فيها المدن السياحية على امتداد الكرة الأرضية، ولي بطبيعة الحال أسبابي الخاصة، ومنها أني أميل إلى تجنب الأماكن المزدحمة والمكتضة بالبشر، فالازدحام يجبرك على الوقوف طويلاً انتظاراً لسيارة تاكسي قد تعبر من أمامك وهي خالية. صحيح هناك وفرة في أعداد التكاسي وعربات المترو والقطارات لكن نسبة الإشغال قد تصل إلى 100%. أتجنب أوقات الذروة لأني عندما أقرر السفر فأنا بالتأكيد أبحث عن الهدوء والراحة والاستجمام وكذلك الحصول على عروض بأسعار معقولة وهذا مالا يتيسر في مثل هذه الأوقات والتي عادة ما تكون في إجازات المدارس والأعياد والمواسم.
لكن قد تجبرك الظروف في بعض الأحيان على فعل ما لا ترغبه وكسر قاعدتك المعتادة رغما عنك وبخاصة إذا كانت العائلة سترافقك في سفرك، لأن أغلب أفراد العائلة مرتبطون بالمدارس والجامعات وليس لديهم أي فرصة خلال العام وعندها ستخضع لقوانين أوقات الذروة القاسية. نسبة إشغال كاملة في الفنادق والشقق السكنية تضطرك للانتظار عند الدخول أو الخروج وانتظار المصاعد المشغولة، وتأخر موظفي خدمات الغرف عند طلب أي شيء بسبب كثرة الطلبات هذا عدا الجلوس لوقت طويل قبل الحصول على طاولة في مطعم ومتى يبتسم لك الحظ وأنت واقف بعائلتك تتضورون جوعاً وكل هذا يحدث تحت ضغط بكاء الأطفال وتوسلاتهم لإنهاء أزمة الجوع في أقرب وقت، وهو وقت ليس بيدك ولا في جيب الأم وإنما يخضع لجدولة الحجز والطابور الطويل المنتظر للفرج. كأنك في انتظارك ستحصل على وجبات مجانية أو على الأقل مخفضة بينما ستدفع في النهاية المبلغ كاملاً وأنت في قمة السعادة أن خلصك الله من الازدحام والضنك.
التمشيات والتنقلات في أوقات الذروة مزعجة لأنك في هذه الأحوال الطارئة تشق طريقك بصعوبة بالغة بين الجموع. الخيارات حالياً أمام السائح العربي وبالذات الخليجي أصبحت قليلة بعد الثورات العربية وإحجام الناس عن السفر لبلدان مثل سوريا ومصر ولبنان وتونس، والغلاء الذي يسم السياحة الأوروبية والأمريكية وهو ما لا يشجع الأسر متوسطة الدخل على السفر لتلك الدول، وتواضع مستوى السياحة الداخلية في المملكة وافتقادها لكثير من عناصر الجذب التي يبحث عنها السائح لذلك اتجه معظمهم لبلدان ومدن الخليج وفي مقدمتها دبي دون منازع.
قدمت معلومات البيئة الأوروبية وشبكة المراقبة نصائح غالية لعشاق السفر، وهي نصائح بمثابة حلول عملية لمن يمثل لهم السفر أوقات الذروة مشكلة حقيقية ومنها الاستفادة من التخفيضات التي تطرحها شركات الطيران على تذاكر السفر في أوقات متفرقة من السنة خارج حسابات أوقات الذروة، ولمن يبحث عن الأسعار المعقولة اقترحت الحجز في الرحلات الصباحية كونها أرخص بسبب قلة إقبال الناس عليها إذ يرغب معظمهم في الحجز بالرحلات المسائية، ويمكن ترتيب السفر في فصل الخريف، وأوصت بدراسة أوقات الذروة في بعض البلدان لتجنبها وطرحت مثلاً بأستراليا فأوقات الذروة فيها خلال شهري ديسمبر ويناير حيث يميل الطقس للاعتدال.
ويبقى القرار بيد السائح نفسه، لكن السائح الذي يملك الثقافة السياحية الشاملة هو الأقدر على ترتيب إجازاته في أوقات مناسبة وبتكاليف أرخص.
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15