من أعظم الأسس التي تنبني عليها العلاقة بين الزوجين أساس المودة والرحمة التي خلقها الله تعالى بينهما، وجعلها - سبحانه - من آياته الدالة على وجوده، وعلى عظيم حكمته، فقال - تعالى -:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم.
وهذه المودة والرحمة - كما هو واضح من النص القرآني - مشتركة بين الزوجين، فيجب على كل واحد منهما أن يود الآخر، ويرحمه.
ومقتضيات الرحمة والمودة من الزوجين كثيرة، منها عدم لجوء أي واحد منهما إلى تخويف الآخر وتهديده، فالزوجة لا ينبغي أن تهدد زوجها بترك المنزل، وإشغاله بالأولاد، أو تهديده بأهلها، ونفوذهم، أو تهدده بالإسراف ؛ كي تغرقه بالديون، إلى غير ذلك من أوجه التهديد. وكذلك الزوج لا ينبغي أن يهدد زوجته بأي وجه من وجوه التهديد، كتطليقها، أو حرمانها من أولادها، أو تهديدها بقطع النفقة عليها، أو ضربها.
ومن أوجه التهديد التي يلجأ إليها بعض الأزواج : تهديد زوجاتهم بالزواج بامرأة أخرى.
ومع أن هذا التهديد لا يفضي أبداً إلى نتيجة إيجابية تعود على الحياة الزوجية بأي فائدة، فإن له مساوئ كثيرة، من أهمها: لجوء الزوجة إلى الإسراف، والتبذير في أموال الزوج، والعبث بها يميناً وشمالاً حتى يصل الأمر به إلى الغرق في الديون، والانهماك في الأقساط بحجة سلبه القدرة على الزواج بثانية، مما يفضي إلى تعاسة الحياة الزوجية، وانقلابها من سعادة إلى تعاسة، وهذا الأمر كنت قد كتبت فيه مقالاً مستقلاً.
ولكن الذي أريد أن أقف عنده في هذه العجالة هو أمر خطير، وهو الإساءة إلى أمر شرعه الله تعالى، وجعله من أهم الحلول لكثير من المشكلات الاجتماعية المستعصية، وهو تعدد الزوجات، وتحويله من مساره الشرعي المفيد إلى جعله وسيلة للتهديد، والتخويف، مما يعطي انطباعاً بأنه أمر سيء، وأن فيه ظلماً للمرأة، وهو ما يدعيه كثير من أعداء الإسلام من المستشرقين، ومن تبعهم من العلمانيين، بل إن هذا الأسلوب المقيت هو من يكره المرأة المسلمة في أمر شرعه الله لمصلحتها.
فهل أدرك هؤلاء الذين يهددون زوجاتهم بالزواج من أخرى أنهم يسيئون إلى دينهم، وشريعتهم من حيث لايشعرون ؟!.
وعوداً على بدء، فإن أسلوب التهديد بأي وسيلة كانت، ومن أي الطرفين كان، أمر تنفر منه النفوس الكريمة، وتكرهه القلوب الحية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجتمع مع المودة والرحمة اللتين هما عماد الحياة الزوجية، فلنسع إلى تقويتهما وترسيخهما، والبعد عن كل ما يضعفهما، وهذه مسؤولية الزوج والزوجة معاً.. والله الموفق.
alomari1420@yahoo.com