كثر الحديث مؤخراً عن السناتور الأمريكي جون مكين، وذلك يعود لموقفه مما جرى في مصر في 30 يونيو، أثناء زيارته لمصر، فقد نال رضا تنظيم الإخوان، وأنصارهم داخل مصر، وخارجها، وقد تراوحت ردود الأفعال تجاه مكين من أقصى اليمين، إلى أقصى اليسار، ففي الوقت الذي نعته أحد خصوم الإخوان بالسافل!، نجد أن أحد أنصار التنظيم السعوديين، وهو في الأصح عبء على التنظيم، قد وجه رسالة شكر للسيناتور مكين باسمنا، نحن أبناء هذا الوطن!!، وقد شكر من خلال الرسالة السناتور مكين على موقفه الداعم لتنظيم الإخوان!، ولا أدري حتى اللحظة كم عدد الذين فوّضوا هذا الأخ الكريم ليشكر مكين، نيابة عنّا، ولذا فإننا نتطلع لمعرفة هذه المعلومة القيمة.
جون مكين ينتمي إلى أسرة أمريكية تشربت الحياة العسكرية بشكل يندر له مثيل، فوالده، وكذلك جده، كانا جنرالين شهيرين في البحرية الأمريكية، وكان لوالده صولات، وجولات في حرب فينام، سيئة الذكر، والتي شارك فيها أيضاً السيناتور مكين نفسه، حيث إنه سار على خطى والده، وجده، ليصبح عسكرياً، وقد تم أسره في الحرب في عام 1967، من قبل جيش فيتنام الشمالية، وذلك بعد أن تم إسقاط طائرته، وأصيب بإصابات بالغة، ولا يزال حتى اليوم يعاني من أثر تلك الإصابات، وقد أمضى في الأسر سنوات عديدة، ولم يتم إطلاق سراحه إلا في عام 1973، وبعد أن عاد إلى الولايات المتحدة، واصل عمله في الجيش، ثم تقاعد في عاد 1981، وترشح لانتخابات مجلس النواب، وأصبح عضواً فيه لفترتين، قبل أن يفوز بمقعد في مجلس الشيوخ، عن ولاية اريزونا، ولا يزال عضواً فيه منذ العام 1986، وهو أحد أبرز الساسة الأمريكيين في الوقت الحالي.
سبق للسيناتور جون مكين أن ترشح للرئاسة الأمريكية عن الحزب الجمهوري في عام 2000، وقد خسر الرهان في ذلك العام أمام جورج بوش الابن!، في الانتخابات التمهيدية للحزب ذاته، ثم عاود الكرة في عام 2008، وفاز بترشيح الحزب الجمهوري، ولكنه خسر الانتخابات أمام الرئيس الحالي باراك أوباما، ومن الطرائف في ذلك السباق المحموم بينه، وبين أوباما أن أحد أنصاره سأله في إحدى جولاته الانتخابية عمّا إن كان أوباما عربياً مسلماً؟!، فما كان من السيناتور مكين إلا أن رفع عقيرته قائلاً: «لا.. صحيح هو خصمي.. لكن لا تظلموه..فهو ليس عربياً، ولا مسلماً!!!»، فما هي حكاية مكين في مصر؟!.
منذ أن بدأت ثورة 30 يونيو هذا العام، وموقف مكين منها يشبه إلى حدٍّ كبيرٍ موقف إدارة أوباما، أي مرتبكاً، وحذراً، ومتخبطاً، وقد ناقضت تصريحاته في القاهرة مؤخراً، تصريحاته السابقة للزيارة، وحتى بعد الزيارة!، وربما أن هذا التخبط يعود إلى أن أمريكا ترغب في استمرار تنظيم الإخوان في الحكم، وفي نفس الوقت لا ترى ضرراً كبيراً فيما فعله الجنرال السيسي، فالجيش المصري، كما تنظيم الإخوان، كلاهما حليف قوي للولايات المتحدة، وعلى من حمل تصريحات مكين، في مصر، فوق ما تحتمل أن يعيد حساباته، فهو ليس عدواً لحكومة عدلي منصور، والجنرال السيسي، كما أنه ليس حليفاً، وصديقاً لتنظيم الإخوان للدرجة التي تستوجب معها شكره على موقفه الداعم!، فهل نتخلى عن العاطفة، ونحسب خطواتنا بحساب المصالح، تماماً كما يفعل الأمريكيون، والسيناتور مكين واحد منهم؟!، نتمنى ذلك.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2