ما كان للصبر أن يطول، ولا يمكن لأي سلطة في أي دولة تسمح لجماعة أو حتى طائفة تعاند أنظمتها وإجراءاتها والقانون العام للدولة.
ظلت حكومة الببلاوي والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة متمسكة بضبط النفس وتأجيل اقتحام ميداني النهضة ورابعة العدوية، إلا أن المعتصمين وقيادات الإخوان المسلمين تمادوا في تحديهم للسلطة الجديدة، وصعدوا في استفزازهم للدولة والحكومة الجديدة وحتى المواطنين الذين أظهروا تململهم من (سكوت) الحكومة وترك المعتصمين يتمادون في تحديهم للدولة، مع تعلية التحصينات وحشد أدوات (الدفاع) في الميدانيين من (شوم) وأسلحة بيضاء، بل وحتى الأسلحة الآلية، كما ظهرت أثناء عمليات الاقتحام.
أمس نفد الصبر وبدأت القوات المصرية بفض اعتصام الميدانيين في وقت واحد، حيث تقدمت قوات الأمن المتخصصة بفض الاشتباكات من الأمن المركزي وشرطة مكافحة الإرهاب تتبعهم قوات منتقاة من الصاعقة والقوات الخاصة من القوات المسلحة تقدمتهم جرافات من كتائب الهندسة في القوات المسلحة، وقد أمكن لهذه التشكيلات الأمنية والعسكرية أن تنهي اعتصام ميدان النهضة في ساعات قلائل، فيما تواصلت عملية فض اعتصام ميدان رابعة العدوية الذي شهد عمليات مواجهة استعملت فيها الأسلحة النارية ونشط قناصة الميدان الذين اعتلوا المباني المحيطة بالميدان، وهو ما رفع عدد الضحايا، وبعد أن أيقن الإخوان المسلمين نجاح قوات الأمن المصرية من فض الاشتباكات والاعتصامين في النهضة ورابعة العدوية خرج أنصار الإخوان والأحزاب المتحالفة معها إلى الساحات والشوارع في المحافظات؛ ففي القاهرة ثار أنصار الإخوان في ميدان مصطفى محمود في حي المهندسين وحي الهرم و6 أكتوبر وحلوان والمعادي، وفي المحافظات شهدت أقسام الشرطة اقتحامات وحرق بعضها، كما حصل في 25 يناير عام 2011م عندما حرق الإخوان أقسام الشرطة واتهموا غيرهم بذلك، وكما أوضح عدد من المتحدثين من قادة الإخوان أنهم سيحرقون مصر إن لم تعد الشرعية...!!
عموماً فضّ اعتصام الميدانيين تم وبالخسائر التي تابعناها وهو ثمن فُرِض على المصريين مقابل الحفاظ على الدولة ومنع انحدارها إلى دائرة الدول الفاشلة أوانهيارها تماماً، وبقدر أهمية وحجم الخطر كان لابد من تقديم ثمن، وثمن باهظ، رغم أنه لم يتم الكشف عنه بصورة صحيحة إلا أنه لابد أن تكون الأرقام كبيرة، وهو ثمن كبير أراد الإخوان حصوله لإثارة الرأي العام العالمي ضد الحكام الجدد في مصر.
jaser@al-jazirah.com.sa