هل تذكرون حكاية تلك الفتاتين اللتين قتلهما شقيقهما العشريني قبل أربع سنوات بالرصاص، أمام بوابة دار رعاية الفتيات بالرياض؟ تناولت حكايتهن وسائل الإعلام، وكتبت الأقلام ومن بينهم صاحبة هذه السطور التي كتبت مقالاً بعنوان: من قتل بنات الرياض؟
هل نعلم إلى هذا اليوم، ما هو الحكم الذي ناله الشقيق القاتل؟ هل نعلم ما هو الحكم الذي ناله المتسببون بهذه الحادثة؟ الإجابة (لا) فنحن اعتدنا على إعلام يثور وقت القضية ثم سُرعان ما ينطفئ لهيب ثورته، وينسى المتابعة وأهمية البحث في القضايا إلى أن يتم اسدال الستار على القضية، هل القارئ يُطالب بحقه في معرفة تَبِعات القضية وإلى أين وصلت وعلى ماذا انتهت؟ الإجابة أيضًا (لا).. لأن القارئ المتواضع هو من صنع إعلامًا متواضعًا، ولو نظرنا إلى الصحافة الغربية عندما تتبنى أي قضية من القضايا، نجد أنها تعمل متابعة مستمرة للقضية إلى أن تنتهي آخر فصولها، وبهذا يكون القارئ والمتابع على علم بكافة التفاصيل.
أذكر هذه المقدمة، للحديث عن حكاية اليوم (المُعنفة حنان الشهري) التي اشعلت النار في جسدها، حتى فارقت الحياة لترتاح من حياة مليئة بأبشع أشكال العنف، ولا رادع لهذا المُعنف، ولا لمن يقوم بتسهيل العنف له أو بشرعنته من أقاربها.
وقد يُسدل الإعلام الستار على القضية دون متابعة، إلا أن وجود عناصر إعلامية واعية بأهمية هذه القضايا، وإن كانوا قلة، قد يجعل أبواب الأمل مفتوحة أمامنا كقراء ومتابعين إلى حين إسدال الستار على الفصل الأخير من قضية حنان الشهري وكل من تسبب في موتها، لأنها ليست قضية فردية بل هي قضية مجتمعية عامة، وإن كانت حنان الشهري ماتت والإعلام نشر حكايتها، فهناك عشرات مثل حنان فارقن الحياة، أو لازلن على قيد الحياة ولسن محسوبات عليها، ولا أحد يعرف قصصهن ولا أحد يُعاقب المتسبب والممارس لهذا العنف.
بصراحة، في قضية حنان الشهري، أكثر ما أشعل قلبي حُرقة، هو محاولات الحماية الأسرية بعقد الصلح بين الفاعل خالها والفاعل شقيقها والأسرة، شيء مضحك مبكٍ، إذ يبدو لي أن إدارة الحماية الأسرية ليس لديها آلية تعمل من خلالها سوى المصالحة دون النظر إلى عمق القضية ونتائجها، فهل بعد الموت صلح؟
كل هذه القضايا التي تحدث وتكون ضحيتها النساء، نجد -للأسف- من يخرج علينا ويقول: المرأة “ملكة” أو “جوهرة مصونة” والغريب هو الصمت المطبق على هذه القضايا من قِبل نساء محسوبات على التيار الديني “الإخواني- السروري” مع أنهن أتيحت لهن الفرص والدعم لعمل مراكز وعقد مؤتمرات وندوات ومحاضرات للحديث عن حقوق المرأة، ويسمى -بعضهن- ناشطات أو مهتمات بحقوق المرأة، بالله عليكن ألا تتألم قلوبكن على حنان الشهري ومثيلاتها، أم أن حقوق المرأة لديهن تنحصر في الاختلاط وقيادة السيارة؟
حقوق المرأة كلما سارت خطوة، عادت بفضل الناشطات ضد المرأة إلى الوراء عشرات الخطى، والأوضاع تتأزم من كل اتجاه، وعندما أخاطبهن، فهذا لأن بأيديهن (الخيط والمخيط) فكل التسهيلات والتصاريح الجاهزة بافتتاح ما يردن من مؤسسات هي بأيديهن، فلا حتى ولو بتمثيل الإنسانية نجد بيانًا أو تصريحًا من مؤسساتهن يدين ما حدث لحنان أو لواحدة من مثيلاتها؟ بكل تأكيد لن يحدث.
www.salmogren.net