منذ السقوط المريع لسوق الأسهم عام 2006 والمواطن السعودي بعدما لملم ما تبقى من نقوده، وقد ضاع حلمه في الثراء السريع، وهو يكافح لشراء مسكن خاص له ولأسرته الصغيرة، ورغم أن هذا المواطن ضمن أسوأ شعوب العالم في الادخار، حيث نسب الادخار لديه تعد منخفضة جداً، كما يشير محمد الشايع مدير برامج التمويل في مؤسسة النقد العربي السعودي، إلا أنه بقي رهين الوعود بأنه سيصحو يوماً على طرقات موظف وزارة الإسكان، كي يسلّمه مفتاح منزله الخاص، مصحوباً بابتسامة و: صباح الحلم!
صحيح أن هناك مشروعات لوزارة الإسكان تهدف إلى مساعدة المواطنين لتملّك السكن، لكن هذه المشروعات لها شروط خاصة، تمنح الأولوية لكبار السن والعاجزين والأرامل... إلى آخره. بينما الشريحة الواسعة ممن ينتظر السكن هم من الشباب الذين في مقتبل حياتهم الوظيفية والزوجية، هؤلاء الذين يبحثون عن قطاعات الأعمال التي تمنحهم المزيد من الامتيازات والدخول السنوية، كي يتمكّنوا من تحقيق أحلامهم!
وبعيداً عن مشروعات وزارة الإسكان ووعودها، هناك من المواطنين من ينتظرون إطلاق نظام الرهن العقاري من البنوك، بإقرار مؤسسة النقد، وكأنه مصباح علاء الدين الذي سيطلق الجني المعجزة، الذي سيقدِّم لهم منزلاً جديداً مؤثثاً، دون أن يدرك معظم هؤلاء أن الرهن العقاري يقدِّم الحلول لذوي الدخول العالية، التي يستطيع أصحابها تحمّل استقطاع مبالغ كبيرة من رواتبهم الشهرية!
قد تكون فكرة فرض رسوم على الأراضي البيضاء هي من بين الحلول التي تساعد على تخفيف احتكار هذه الأراضي، وبالتالي تدويرها بين الملاَّك، ووصولها إلى يد من يخطط فعلاً لبنائها، وزيادة العرض من هذه الأراضي سيقلِّل من أسعارها، وبالتالي ستنخفض أسعار العقارات عموماً، بيعاً وتأجيراً، إلا أن طول فترة دراسة فرض هذه الرسوم من قِبل لجنة من جهات حكومية مختلفة، واعتذار وزارة الشؤون البلدية والقروية بأن فرض هذه الرسوم خارج اختصاصها، ووعود وزارة الإسكان بإقرار هذه الرسوم قريباً، كل ذلك يجعل الوضع غائماً، ويبقي المواطن المنتظر ينتظر معجزة من السماء، تحل مشكلة الإسكان المعضلة له، ولأسرته.
حينما تم دعم وزارة الإسكان بمبلغ 250 ملياراً من أجل بناء 500 ألف وحدة سكنية للمواطنين، ظن المواطنون أنها «هانت»، وأن الفرج بات قريباً، لكن الشهور مرت، والسنوات كذلك، دون أن يتبين في الأفق أي شيء، دون أن تبادر وزارة الإسكان عبر وزيرها، أو عبر متحدثها الرسمي، لتكشف للمواطنين ما تم إنجازه حتى الآن من مشروعات سكنية حكومية للمواطنين!
أعتقد أننا مهما كتبنا في هذا الموضوع الشائك، الذي يخلق القلق الدائم لدى المواطن، لن نفي هذا الموضوع حقه، فهو شائك ومعقد، رغم كل هذه الثروات، ورغم كل هذا الدعم الجيد، إلا أن المعطلون كثر، كما هم المنتظرون.