حين يتأمر موظف أجنبي في مصنع مشروبات غازية أو في شركة مقاولات طرق أو في وكالة سيارات عالمية على موظف سعودي، فإن الأمر اعتيادي ولا غرابة فيه. أما أن يتأمر عامل مخالف للأنظمة على عجائز البسطات الشعبية، ويرمي بضاعتهن في الشارع بوضح النهار، فإن الأمر فيه الكثير من الطرافة والغرابة.
أما الطرافة، فإن هذا العامل، شعر بقوة حضور عمل المرأة في مجتمعنا، فأخذ يحاول، مثله مثل أي رجل، بمقاومة هذا الحضور وتكسير مجاديفه، لكيلا تقوم له أية قائمة، ليبقى الرجل هو الحاضر الوحيد في هذا العمل، وتظل المرأة هي الجزء المعطل غير المستقل! أما الغرابة، فهي: كيف يتسنى لعامل مخالف أن يتحكم بمصائر هؤلاء المسكينات اللواتي يعملن في ظروف ومناخات غير إنسانية أحياناً، طلباً للرزق الحلال والضئيل؟! هل هو يتصرف من تلقاء نفسه أم أن أحداً يعطيه الضوء الأخضر؟! إذا كان يتصرف من تلقاء نفسه، ويقوم بحرمان العجائز من افتراش رصيف وطنهن، فإن هذا مثير للحزن من جهة، ومن جهة أخرى لليأس من وجود ضوابط تردع هذه العمالة من السيطرة على الأسواق الشعبية.
أما إذا كان هناك من يعطيه الضوء الأخضر لكي يفعل ما يفعله، فهذا معناه أن ثمة فساداً في أنظمة السوق، وأن على أحد أن يتحرك للقضاء عليه.