عادت العلاقـات الأمريكية - الروسية إلى التوتر من جديد، رغم أن وزيري خارجيتي البلدين يُواصلان عقد الاجتماعات الثنائية والتي كان آخرها الاجتماع الذي انضم إليه وزيرا الدفاع، إلا أن العلاقة بين واشنطن وموسكو ليست على ما يُرام البتة، خصوصاً بعد تحدُّث الرئيس الأمريكي أوباما عن الحاجة إلى إعادة تقييم العلاقات مع روسيا، مشيراً إلى عدة ملفات لم تتقدم منذ عودة بوتين للرئاسة.
الواقع ورغم أن الأمريكيين يضعون اللوم على بوتين، إلا أن القضية لها بُعد تاريخي يتمثَّل في سعي الروس إلى استعادة موقعهم كمشاركين فيما يُسمى بالقطبية الثنائية الدولية، وإذا كان الرئيس الروسي بوتين يعمل على استعادة الموقع الذي كانت تتمتع به بلاده إبان حقبة الاتحاد السوفيتي، فإنه وجدَ في ضعف وتردد الرئيس الأمريكي أوباما وحرصه على أن يقلص إسهاماته في القضايا الدولية الهامة، متيحاً المجال لروسيا للعب دور أساس في إدارة ملفات تلك القضايا الساخنة، ولهذا كانت العلاقات بين البلدين فاترة لتأتي قضية العميل الأمريكي إدوارد سنودن لتظهر هذه العلاقات على السطح وتبرز معها العديد من الخلافات بين البلدين والتي تشمل قائمة طويلة من القضايا تتراوح بين الثورة التي تشهدها سورية، إلى حقوق الإنسان، مروراً بملف المفاوضات حول الحدّ من التسلح.
الرئيس أوباما الذي تمادى في الإساءة إلى الرئيس بوتين بوصفه بالتلميذ الذي يجلس في آخر الفصل غير مهتم بما يدور حوله، يرى أنه ليس بينه وبين الرئيس بوتين علاقة شخصية سيئة، لكن العلاقات الأمريكية - الروسية تباطأت منذ عودة بوتين إلى الرئاسة خلفاً لديمتري ميدفيديف.
الرئيس بوتين الذي لا يخفي طموحه بالعودة بروسيا إلى مناصفة أمريكا ومشاركتها مقعد القطبية الدولية، لهذا فهو يريد أن يلغي الصورة النمطية التي ترسَّخت لدى الإدارات الأمريكية منذ جورباتشوف ويلتسين بأن موسكو أدنى درجة من واشنطن، ولهذا فهو يتقمَّص دور (القيصر) لإعادة الهيبة للكرملين، لذلك فإنه لا يترك أي فرصة لتحدي أوباما، بدءاً من الوضع في سوريا، وصولاً إلى منح الشاب الأمريكي إدوارد سنودن المحلل السابق في وكالة الأمن القومي الذي كشف برنامج مراقبة الولايات المتحدة للاتصالات الإلكترونية للجوء السياسي.
بوتين لا يهمه أن يلغي أوباما لقاءه في بطرسبرج، بل وحتى إلغاء قمة الثماني، فالمهم عنده العودة بروسيا إلى مشاركة أمريكا قيادة العالم حتى وإن اعتقد الأمريكيون أنهم ليسوا بمستوى قدرة وقوة أمريكا عسكرياً وسياسياً.
jaser@al-jazirah.com.sa