التردد والحيرة أكثر ما يغزوان التفكير حين طلب التداخل في أي من الموضوعات العامة والخاصة - سائر الأيام - فكيف ونحن أيام العيد السعيد فمن المؤكد أنها ستزداد النسبة تصاعديا بافتراض الانشغال والتشاغل عما سوى العيد، نتواصل بذلك مع الأديب محمد العلي، حينما ذكر
ما يخص هذا الأمر تحت عنوان “لا قارئ لها” ص255 كلمات مائية - وهي منشورة قبل ذلك في صحيفة “اليوم” - وكذلك شيخ الكتاب الحكيم في يقظة فكره ص15.. لكن.. ما يعطيه توازناً واستمراراً وتكيفاً ما حفل به مقال الأستاذ المنصف المزغني والمعنون بـ”الكتابة وإعادة الكتابة” ص99 “دبي الثقافية” عدد 59.. المهم.. سأجازف بلغة “براغماتية” واقعية وأدلف فضاءات المتلقي وساحات فراغ المناسبة لأشترك بنص فيه من البساطة الشيء الكثير.. وبعيداً.. عن مسارها اللغوي الذي أغنانا فيه “المنجد” ص536 مادة “عود” بما يحمله من معنى وهدف.. ولنكن في متن هذه النتيجة الثابتة بعد الحقيقة الدائمة دون هامشها ولو بشيء من التحذر والأمل لتصبح في الناس كأحدهم ينتظرونها بشوق ويترقبونها بفرح وسرور ولها حضور مستقل وقوة شاملة وداعمة واصداءات مقروءة حسب تداعيات الأحداث والوقائع بدءاً من هذا المقطع الشعري- الذي ذاع في شهرته الآفاق- وهو للشاعر الكبير “المتنبي”:
عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم بأمر فيك تجديد
- من حيث المخرجات السياسية - وإلى التراكيب الاجتماعية وطرق إظهارها
سواء أفراداً أو جماعات ورصد هويتها - العيد- والاستفادة من معطياتها ولنسأل أنفسنا هذا السؤال هل فهمنا معنى شهر رمضان الكريم والصوم فيه لنفهم العيد والتفاعل معه أم لا؟.. فبعد ثلاثين يوما أو دونها بيوم نقف جميعا عند يوم واحد يزداد العدد بعده صفة وإضافة لنقول: هل أخرجنا من نفوسنا ما يلوثها ومن أساليب حياتنا ما يؤخرها لنلج عوالم الدنيا من جديد ولها نصيب أوفر بما يعينها من أداء الحقوق والواجبات عندها - فعلا- نكون في اضمامة الفرح المطلوب والعرس الرمضاني المحبوب، فبعد أن كان الإفطار بداية الليل أصبح الآن بداية النهار وبعد أن كان غذاء السحور منتصف الليل أصبح مكانه غذاء الظهيرة منتصف النهار وهكذا لتختم تلك الأيام سريعة الخطى بأيام العيد المبارك التي من المفترض ملؤها سعادة وهناء بدءاً من معايدة الأهل والأقارب (مصافحة) استغناء عن الرسائل الإلكترونية والمحادثات الجامدة التي تحصل دوماً عن بعد والمهيمنة عليها من قبل أجهزة التواصل الحديثة التي يجهل من مثلي كيفية التعامل معها مهما كان وسيط التعلم حاذقا فما إن يحفظ هذا منها حتى يولد آخر... الخ.
وكذلك زيارة المرضى ومن يحتاج الوقوف بجوارهم وبالذات أصحاب الإعاقة الدائمة - والتي مع الأسف - ينتهي بهم الحال في مشفاهم بالسنوات لا يرون من يسأل عنهم وقد عملت بعض العوائل حسناً أن تخصص مجلساً جامعاً وشاملاً لكل أفرادها ومن يأتي (زائراً) ويكون ذلك أكثر حسناً ولطفاً أن يضاف إليه من كل أسبوع أو شهر يوم لعيادة مرضاهم والتداول في شؤونهم فليس العيد للنوم أو إزعاج الغير... (أيها القارئ العزيز لا تنزعج من طول المشاركة وإسهابها في موضوعات شتى واستمر حتى النهاية وكل عام وأنتم بألف خير وصحة).
انظر!! إلى بعض الذين يفحطون ويملؤون الحارات تجمعات بالطراطيع والاستهتار بالمارة وكأنهم في سباق وحرب وعرض لمن يشاهدهم ويشجعهم وأيضاً حاويات القمامة التي تزينت هي للعيد بكثرة ما فيها حتى أصبح الناس يرمون حولها وليس من رقيب.. (عليه)! يضطر من يريد الخروج إلى الجلوس في البيت وترك الأمر إلى أصحاب البطولات الوهمية والأمزجة الدموية التي لا تخلو عادة إما بفقد الحياة أو ضرر دائم لهم ولغيرهم.. لا أظن! أن هذا العيد بصفاته العطرة هو المذكور في إشارة القرآن الكريم، وكذلك السنة المطهرة أو لدى أصحاب اللغة وشؤون الاجتماع.