|
متابعة - مبارك الفاضل:
يوم أمس استعرضنا مظاهر العيد في دول الخليج العربي، واليوم نستكمل استعراض مظاهر العيد في بعض الدول العربية. وعلى الرغم من تشابه عادات المسلمين في البلدان العربية والإسلامية خلال عيد الفطر المبارك، إلا أن لدى بعض الشعوب والدول عادات تختص بها دون غيرها.
وإن كانت صلاة العيد وزيارات الأقارب وصلة الرحم واحدة في الدول الإسلامية، لأنها صادرة من التشريعات الدينية، إلا أن لكل دولة طريقة مختلفة -بعض الشيء- في ممارسة هذه العادات والتقاليد.
العيد في مصر:
وفي مصر تتزين الأحياء الشعبية بمظاهر العيد، ويعود الأطفال مع والديهم محملين بالملابس الجديدة التي سيرتدوها صباح عيد الفطر.
وتجد الازدحام على أشده قبل العيد في جميع المخابز لأنها تستعد لعمل كعك العيد والذي هو سمة من سمات العيد في مصر، وتتفنن النساء في عمله مع الفطائر الأخرى والمعجنات والحلويات التي تقدم للضيوف.
أما بيوت الله فتنطلق منها التكبيرات والتواشيح الدينية، حيث يؤدي الناس صلاة العيد في الساحات الكبرى والمساجد العريقة في القاهرة. وعقب صلاة العيد يتم تبادل التهاني بقدوم العيد المبارك، وتبدأ الزيارات ما بين الأهل والأقارب وتكون فرحة الأطفال كبيرة وهم يتسلمون العيدية من الكبار، فينطلقون بملابسهم الجميلة فرحين لركوب المراجيح ودواليب الهواء، والعربات التي تسير في شوارع المدن وهم يطلقون زغاريدهم وأغانيهم المحببة فرحين بهذه الأيام الجميلة.
العيد في السودان:
أما في السودان، ففي منتصف شهر رمضان المبارك، يقوم البيت على قدم وساق للاستعداد للمناسبة العظيمة، حيث تعد أصناف الحلوى وألوان الكعك والخبز، مثل الغريبة والبيتي فور والسابليه والسويسرول بكميات وافرة تكفي لإكرام الزائرين الذين يتوافدون بعيد صلاة العيد، والتي تؤدى في الساحات قرب المساجد، يشهدها الجميع، ويتبادلون التهاني، ويحلل بعضهم بعضاً، ويتجاوزن عمّا سلف وما كان في السابق، ثم يتوافد رجال الحي في كثير من القرى إلى منزل أحد الكبار، أو أي مكان متفق عليه، كل يحمل إفطاره، ثم يخرجون جماعات لزيارة المرضى وكبار السن، وكذلك تفعل النساء والأطفال، حيث يقضون نهار اليوم الأول في الزيارات والتهاني للجيران، قبل أن ينطلق الجميع بعد الغداء وصلاة العصر لزيارة الأهل والأقارب والأصحاب في الأحياء الأخرى.
وتستمر الزيارات طوال الأيام الأولى من شوال، حيث تنظم الرحلات العائلية والشبابية، ويقضي الجميع أوقات جميلة مع بعضهم بعضاً على ضفاف نهر النيل.
ويحرص كثير من السودانيين المقيمين في المدن على قضاء عطلة العيد في قراهم ومراتع صباهم بين أهلهم وأحبابهم.
كذلك مما يميز العيد في السودان، ما يعرف باسم «العيدية» وهي قطع من النقود التي يمنحها الأب أو الأعمام أو الأخوال والكبار للصغار الذين يشترون بها ما يشاءون من ألعاب وحلويات.
العيد في العراق:
تبدأ مظاهر عيد الفطر في العراق عن طريق نصب المراجيح ودواليب الهواء والفرارات وتهيئتها للأطفال. أما النساء فيشرعن بتهيئة وتحضير الكليجة «المعمول» بأنواع حشوها المتعددة، إما بالجوز المبروش أو بالتمر أو بالسمسم والسكر والهيل، مع إضافة الحوايج وهي نوع من البهارات لتعطيها نكهة معروفة، حيث تقدم الكليجة للضيوف مع استكان شاي وبعض قطع الحلويات والحلقوم أو من السما «المن والسلوى» أو المسقول. وتعمل النساء نوعاً من الكليجة من دون حشو يطلق عليه «الخفيفي» حيث يضاف إليه قليل من السكر ويدهن بصفار البيض ويخبز إما بالفرن أو بالتنور. وتبدأ الزيارات العائلية عقب تناول فطور الصباح بالذهاب إلى بيت الوالدين والبقاء هناك لتناول طعام الغداء، ثم معايدة الأقارب والأرحام ومن ثم الأصدقاء. ويأخذ الأطفال العيدية من الوالدين أولاً ثم يذهبون معهما إلى الجد والجدة والأقارب الآخرين، بعدها ينطلقون إلى ساحات الألعاب حيث يركبون دواليب الهواء والمراجيح ويؤدون بعض الأغنيات الخاصة بهم.
العيد في سورية:
يبدأ العيد في سورية باكراً بعض الشيء، حيث تنصب المراجيح والألعاب الأخرى الخاصة بالأطفال في الحدائق العامة وأمام بعض المنازل، كما تشتري الأسر ملابس العيد الجديدة في الأيام الأخيرة من رمضان، ما يؤدي إلى اكتظاظ كبير في الأسواق، كما يحرص الناس على شراء الحلويات الخاصة بالعيد من مثل السكاكر والشوكولاه والأصناف الأخرى.
وتتعدد أصناف الحلويات في سورية تبعاً للمدينة، ففي المناطق الشرقية يتم إعداد «الكليجة» أو المعمول، والأقراص، وفي حلب تعد أنواع «الكبابيج» الحلبية التي تؤكل مع «الناطف» وفي حمص يتم صنع الأقراص وغيرها.
ومع أول أيام العيد يصلي الكثير من أهل دمشق في المسجد الأموي، كما يصلي الآخرون في المساجد الأخرى، ثم يقوم الجميع بزيارة القبور والترحم على الأموات وقراءة القرآن على قبورهم.
بعدها يتم الاستعداد في المنازل لزيارة الأقارب، حيث يقوم الرجال بزيارة الجد والجدة، ثم العمات والخالات، وفي المساء تكمل الأسرة زيارة الأعمام والأخوال، يتخللها زيارات الجيران.
أما الأولاد والأطفال فإنهم يقضون العيد في بعض الزيارات العائلية، بينما يقضون معظم الوقت في الأسواق والملاهي والحدائق. ولا ينسون أن يأخذوا «العيدية» من الأقارب، كالجد والجدة والأعمام والأخوال، والتي تضاف إلى «الخرجية» أو «العيدية» التي يقدمها الأب والأخوة الكبار صباح أول أيام العيد.
كما تجتمع الأسرة مساءً للخروج إلى أحد المطاعم في المدينة، أو التي تقع في إطرافها، ويهب الكثير منهم إلى المصائف القريبة من مدنهم، كبلودان ومصياف وصافيتا والزبداني وغيرها.
العيد في اليمن:
وتبدو مظاهر العيد في اليمن في العشر الأواخر من رمضان الكريم، حيث ينشغل الصغار والكبار بجمع الحطب ووضعه على هيئة أكوام عالية، ليتم حرقها ليلة العيد تعبيراً عن فرحتهم بقدوم عيد الفطر وحزناً على وداعه.
ونجد أهل القرى في اليمن ينحرون الذبائح ويوزعون لحومها على الجيران والأصدقاء والجلوس في مجالس طيلة أيام العيد لتبادل الحكايات المختلفة. أما في المدن فيذهبون لتبادل الزيارات العائلية عقب صلاة العيد، وتقدم للأولاد العيدية.
والأكلات اليمنية التي لا يكاد بيت يخلو منها فهي «السَّلتة» وتتألف من الحلبة المدقوقة وقطع البطاطا المطبوخة مع قليل من اللحم والأرز والبيض، وتحرص النسوة اليمنيات على تقديم أصناف من الطعام للضيوف في العيد ومنها: بنت الصّحن أو السّباية، وهي عبارة عن رقائق من الفطير متماسكة مع بعضها البعض ومخلوطة بالبيض والدهن البلدي والعسل الطبيعي.
وتختلف عادات العيد في اليمن بين المدن والقرى، حيث تأخذ هذه العادات في القرى طابعاً اجتماعياً أكبر، عبر التجمع في إحدى الساحات العامة، وإقامة الرقصات الشعبية والدبكات، فرحاً بقدوم العيد.
ليبيا
يصلي المسلمون في ليبيا العيد ويحرصون عليها, وقد علموا أن أعمالهم في رمضان ترفع إلى السماء في هذا اليوم العظيم, وترى المصلين بملابسهم العربية الليبية يتدفقون على المساجد مكبرين ومهللين, وبعد الصلاة وخطبتي العيد لا يتفرق الناس إلا وقد عانق أحدهم الآخر ويحرصون على ذلك، وعند عودتهم يذهب الناس ويحيون ويسلمون على جيرانهم وأقاربهم, ولن ترى ترابطاً اجتماعياً منقطع النظير كالذي تراه في يوم العيد.
وبعد صلاة العيد عند العودة إلى البيت تحضر النساء الـ»الفطيرة» وهي عبارة عن عجين يقلى في الزيت حتى ينضج وهو كرغيف الخبز الرقيق جدًا, وأحيانًا يغمس بالعسل, فهو خفيف على المعدة خاصة وأن المعدة كانت متعودة على الصيام صباحًا, إضافة إلى بعض الحلويات المشهورة والقهوة العربية. ثم تبدأ العائلات في زيارة بعضهم البعض ويحرصون على اصطحاب الأطفال معهم, ويحرص الأطفال على اقتناء الألعاب واللعب بها مع نظرائهم من الأطفال وهم يتباهون بملابسهم الجديدة.
عادات ليبية في العيد
من المعتاد في ليبيا في العيد أن الكبار يعطون النقود للأطفال وتسمي «العيدية» وهي عادة قديمة جدًا, توارثها الناس إلى يومنا هذا, فترى الأطفال يجمعون المال من الكبار ليقوموا بشراء الألعاب والحلويات.
واعتقد أن بعض الدول العربية الخليجية تملك هذه العادة نفسها.
أهم أكلات العيد في ليبيا
«الفطيرة» في الصباح, وقد تكلمنا عنها سابقًا.
«الدبله» وهي من ألذّ الحلويات في العيد وهي عبارة عن شكل لولبي مغطاة بالسمسم والعسل «الغريبة» وهي عبارة عن عجين يصنع على هيئة دوائر ويوضع بداخله اللوز
«المقرود» وهو يصنع من السميد الذي يصنع منه الكسكسي ويحشي بالتمر ويغطس في العسل بعد نضوجه.
«الصويبعات» ويختلف الناس هنا في صناعة هذا الصنف فمنه من يقوم بخلطه بالفستق واللوز وتغليفه بالشوكلاته ومنهم من يغلفه بالكورن فليكس.
الجزائر
تحتفل الجزائر بعيد الفطر بطقوس ذات نكهة خاصة جدًا، لما يتميز به الشعب الجزائري من عادات وتقاليد إلا أن هذا التنوع بزخمه يجد له روابط وثيقة مع باقي الشعوب العربية والإسلامية.
وعادة ما تبدأ مظاهر العيد في الجزائر عشية الاحتفال بليلة القدر وهي المناسبة التي تستغلها الكثير من العائلات والجمعيات الخيرية لتُقيم ختاناً جماعياً للأطفال في جو أسري بحضور الأهل والأقارب.
أجواء احتفالية رائعة
كما تبدأ الأسر بشراء حاجاتها من ملابس جديدة وهدايا متنوعة للأبناء وتحضير ما لذ وطاب من الحلوى كمثل المقروط، البقلاوة، الدزيريات، المشوك، التشارك وحلوة الطابع وغيرها التي تبرع ربة البيت الجزائرية في صناعتها، هذا بجانب أعمال تنظيف للمنازل وتزيينها استقبالاً للعيد المبارك.
وبحلول فجر أول أيام العيد يتعالى التكبير والتسبيح من مآذن المساجد في مختلف ربوع الجزائر وتبدأ جموع المصلين بالتجمع لأداء صلاة العيد، وبعد أداء الصلاة والاستماع للخطبة والدعاء يتغافر الناس ولا يفترقون إلا وقد عانق أحدهم الآخر، ومن ثم التوجه للأهل والجيران والأصدقاء وتهنئتهم بالعيد السعيد.
وعقب صلاة العيد تسارع الأسر الجزائرية في تبادل الزيارات واحتساء القهوة مصحوبة بحلوى العيد، وهي من العادات الأكثر شيوعاً في البيوت الجزائرية. كما تتبادل الأسر الحلوى صباح أول أيام العيد. وتحرص معظم العائلات على التجمع في بيت كبير العائلة لقضاء اليوم كله مع الأقارب والأرحام والعيد في الجزائر يعد يوماً للأطفال، فالفرحة التي تكسو كل طفل تظهر للعيان خاصة وإنهم يخرجون بأبهى حلة يرتدون الجديد ويفرحون بالألعاب ويقصدون حدائق التسلية والترفيه إلى جانب تقديم العيدية لهم، ويعد العيد في الجزائر عطلة مدفوعة الأجر تدوم يومين.
المغرب
لا يمكن أن يبدأ العيد في المغرب دون أن يمر المسحراتي على المنازل، ودون أن تتزين السيدات والفتيات بالحناء وأن تتزاور الأسر ويتبادلون «التفكور»، و هي هدية من أم العريس لعروسه ليلة العيد، فتعالى معنا لتشاهد ملامح العيد في المغرب. وكلما رآه الأطفال علموا بقدوم العيد وعرفوا أنه ذاك الذي كان يقرع الطبل في منتصف الليل حتى يستيقظوا للسحور، يدق على طبلته حتى أذان الفجر، إنه المسحراتي وطقوسه في العيد.
التزين بالحناء:
وتستقبل نساء المغرب العيد ببيوت نظيفة حيث يعكفن في اليومين الأخيرين من رمضان على تنظيف منازلهن وشراء الأواني الجديدة، ليتم وضع الفطور بها في أول أيام كسر الصيام.
وبعد أن تنتهي السيدات من ترتيب منزلهن يلتفتن لزينتهن حيث يقبلن على نقش الحناء على أيديهن وأرجلهن بأشكال هندسية جميلة مستوحاة من بيئات مختلفة إذ تعد الحناء رمزًا للأفراح في حياة المغاربة، ولا يمكن أن تمر مناسبة دينية أو حفل زفاف أو مولد أو ختان، دون أن يكون للحناء موقع خاص فيه، وتعدها الفتيات جالبة لفرص الزواج.
وتعرض «نقاشة الحناء» أنواع النقش على ألبوم صور فيختلف ثمنه بين المراكشي والفاسي والزموري والخليجي.
ومن العادات المرتبطة بعيد الفطر في المغرب أيضاً «التفكور» حيث يتم شراء ملابس تقليدية وبعض الفواكه الجافة كاللوز والتمر لتحملها السيدة إلى خطيبة ابنها ليلة العيد، كما تقوم العروس أيضاً بشراء ملابس جديدة لحماتها كي تهديها لها في العيد بعد تقبيل يدها أو رأسها.
تعيد وتعاود
وبالتكبير والتهليل يستقبل المغاربة العيد بصلاتهم، ولا نوم بعد الصلاة، فالجميع يجتمع معًا على وجبة الفطور، ثم تبدأ الزيارات العائلية وتبادل عبارات التهاني بالعيد ومنها (مبارك العواشر..عيد سعيد..) تقبل الله منا ومنك.. وتعيد وتعاود ونكونوا معك حاج. وبينما يعتني الكبار بالزيارات العائلية فإن الأطفال يتركون كل شيء و يجتمعون بملابسهم الجديدة ليبدؤوا ألعابهم الجماعية.