جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي وجهها للأمة الإسلامية بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك معبرة عما يجيش في صدور أكثر من مليار مسلم، ففي هذه المناسبة المباركة التي يحتفل بها المسلمون في شتى بقاع الكرة الأرضية، لا يستطيع المرء أن يفصل نفسه وشعوره وإحساسه عما يحيط بالعالم الإسلامي من مشاكل وعراك، أريق الدم المسلم فيها بأكثر من مكان، ولهذا كان خادم الحرمين الشريفين مشاركاً لملايين المسلمين شعورهم بالألم والحسرة مما يحيط بالأمة الإسلامية من مخاطر، إذ جاءت الكلمة في وقتها لما تمر به المنطقة من مخاطر والتي تهدد باندلاع موجة جديدة من الإرهاب، كما يحدث في ليبيا وتونس ومصر واليمن، ومن احتقان سياسي مصحوب بتصاعد للأعمال الارهابية، ومن ثم، فإن الكلمة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين ومن شخصية كمقام خادم الحرمين الشريفين بما يمثله من حضور دولي قوي لابد من أن تطلق دفعة قوية وقوة دفع عالمية لمواجهة الإرهاب، الذي يأخذ معالم متعددة لم تعد فقط مقصورة على الجماعات التي تحمل السلاح، بل تجاوزتها إلى جماعات تحمل أفكاراً أو تروج لها من خلال الأحزاب والجماعات تؤسس للارهاب وتحرض له في أكثر من بلد، ورأينا أن هذه الأحزاب والجماعات قد وصلت إلى الحكم مما مكنها من توطين أفكار التطرف والارهاب، كما هو حاصل في أفغانستان والصومال والعراق وما يجري من محاولات في مصر وليبيا وتونس.
هذا المنعطف الذي يجب التصدي له ومراجعته والعمل جماعياً على المستوى الدولي للقضاء عليه ليس من خلال التصدي للجماعات الارهابية التي تحمل السلاح، بل من يحمل ويروج الأفكار الارهابية، ولهذا فإن خادم الحرمين الشريفين بتأكيده على تفعيل دور المركز الدولي لمكافحة الارهاب والمبادرة بتقديم مئة مليون دولار لتنشيط وتفعيل أعماله ودوره في حشد الجهود وتمكين الخبراء والمختصين والعلماء والدول لمواجهة هذه الآفة التي عصفت بأمن واستقرار العديد من الدول والشعوب.
تشخيص خادم الحرمين الشريفين، والذي جاء لقراءة ما يشهده العالم يتطلب الاستجابة من كافة الدول، وبالذات من الدول الكبرى التي تعمل، وحتى الآن، منفردة ولتحقيق الأجندات الخاصة وكون مركز مكافحة الإرهاب الدولي مركزاً لتبادل الأفكار والمعلومات وبما أنه ليس تحالفاً دولياً فإن يجب أن تتجاوز كل الدول خلافاتها وتواجه مجتمعة هذا التهديد الموجه للبشرية جمعاء، مما يتطلب الاستجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين بمواجهة الفكر المنحرف الذي يعد أشد خطراً من حراب العدو، وكل تلكؤ من دول مهما كان مستواها العالمي أو الإقليمي وتأخر في الانضمام إلى الجهد الدولي لمواجهة هذا الخطر الذي يحيط بالجميع يجعل من هؤلاء المتلكئين متواطئين بل وحتى مشاركين في تأجيج آفة الإرهاب والاستفادة من استمرارها لتنفيذ أجنداتهم المريبة.
jaser@al-jazirah.com.sa