الموهبة هي قدرات ذاتية وهبها الله عز وجل لبعض الأشخاص، وهي تُسمى أحياناً بالعبقرية إذا كان لدى أحد الأشخاص قدرات في مجال معين تفوق غيره بمراحل.
والموهبة قد تكون وراثية ذاتية يرثها الشخص عن أبيه أو قريبه إذا كان ذلك الأب أو القريب
موهوباً، وقد تكون مكتسبة تتكون في الشخص من واقع البيئة التي يعيش فيها أو المؤسسة العلمية التي تعلم بها وذلك بفضل مجهود ذاتي وحرص زائد قام بهما يتمثلان في الانضباط والمتابعة الدقيقة والمطالعة المستمرة والتحضير لما سوف يتعلمه وطرح الأفكار والتساؤلات المتعددة وإجراء البحوث والدراسات المتعددة.
من جانب آخر فإن تقدير أصحاب المواهب والبحث عنهم في أي مجتمع يُعتبر نتيجة حتمية لمرحلة التطور التي تمر بها المجتمعات وبالذات في ظل الطفرة العلمية والتقنية، وتُعتبر المدرسة والنظام التعليمي المتبع هما الوسيلة الرئيسة للوصول لذوي المواهب، فلقد كان المعهود هو الندرة في مجال العبقرية وأصحاب المواهب أما في عصرنا الحاضر وبفضل أساليب الامتحانات أو الاختبارات، فإن لكل مدرسة ابتدائية أو إعدادية أو ثانوية نصيبها من هذه المواهب بالرغم من وجود من يخشى من عدم جدية الاختبارات أو عدالتها، ولذلك فإن هؤلاء يقولون إن المواهب قد تكتشف بمقومات أخرى خارج المدرسة إلا أنه مهما قيل في أسلوب الاختبارات فإنها تبقى الوسيلة الغالبة في تحديد ذوي المواهب إلى أن تُوجد بدائل لها.
لذا فإنه ينبغي الاهتمام أولاً بالمناهج التعليمية وأن تخضع لتطوير مستمر يواكب التطور السريع الذي يحدث في العصر الحاضر، كما ينبغي الاهتمام بالطلاب والطالبات بصورة عامة وألا يكون هذا الاهتمام مرتبطاً بجوانب أسرية أو اجتماعية أو إقليمية، بل تكون العدالة والمساواة هما السائدتان في التعامل، كذلك ينبغي أن تكون الامتحانات موضوعية ودقيقة وهادفة وشاملة لمختلف موضوعات المادة العلمية وأن تتسم بالعدالة والمساواة سواء في وضعها أو تصحيحها أو مراجعتها ثم إعلان نتائجها، فالتميز أو الإبداع ليسا مرتبطين بموضوع معين أو توجه محدد إذ تُوجد أنواع متعددة من التميز، فهناك مثلاً: نوع من النشاط العقلي يؤدي إلى اكتشاف نظرية معينة، ونوع آخر يؤدي إلى اختراع آلة جديدة وهناك أيضاً تميز في عملية التدريس أو الفن أو الأعمال الحرفية أو المهنية أو الأدبية أو العلاقات العامة.
وقد اهتم دين الإسلام الحنيف بالموهبة وأصحابها كما هو دأبه فيما يحقق الرفعة للمسلمين والعدالة بينهم {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} الآيه (11) من سورة المجادلة، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فضل العالم على الجاهل كفضل الشمس على سائر الكواكب).
كما أن بلادنا انطلاقاً من أهمية العناية بالموهوبين أو المميزين في مجال العلم والمعرفة اهتمت بهذا الأمر، فأنشأت سنة 1420هـ مؤسسة على مستوى رفيع لرعايتهم والأخذ بأيديهم ومساعدتهم لتحقيق أهدافهم وإبداعاتهم هي (مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين) التي عُدّل مسماها فيما بعد إلى (مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع) التي تهدف إلى توفير ما يساعد على الكشف عن الموهوبين ورعايتهم ودعمهم وأسرهم لتمكينهم من تنمية مواهبهم وقدراتهم وتنمية واستثمار الاختراعات والابتكارات، حيث تتعدد المنح التي تقدمها المؤسسة للموهوبين من منح دراسية لمساعدتهم على إكمال دراستهم الجامعية والعليا، ومنح بحثية لتمكينهم من إجراء الأبحاث في المجالات العلمية، ومنح تدريبية لصقل المواهب في مراكز تدريبية مناسبة، ومنح ابتكار لمساعدتهم على تحقيق الاختراعات المفيدة.
وفي هذا الإطار قامت المؤسسة المشار إليها بتنظيم لقاءات للمخترعين السعوديين في مجال حماية المخترعات وحقوق الملكية الفكرية، وعرض مخترعات وابتكارات الموهوبين السعوديين والربط بينهم وبين المستثمرين لما فيه مصلحتهما.
وفي مجال تشجيع الموهوبين خصصت المؤسسة جائزة سنوية للإبداع العلمي للرجال والنساء فيما لا يجاوز سن (25) سنة، وقد قسمت هذه الجائزة إلى ثلاث فئات عمرية هي:
الأولى - من سن (13) حتى سن (15) وجائزتها (40) ألف ريال للفائز الأول و (35) ألف ريال و (30) ألف ريال للفائز الثالث.
الثانية من سن (16) سنة حتى سن (18) سنة وجائزتها (50) ألف ريال للفائز الأول و (45) ألف ريال للفائز الثاني و (40) ألف ريال للفائز الثالث.
الثالثة - من سن (19) سنة حتى سن (25) سنة وجائزتها (70) ألف ريال للفائز الأول و(65) ألف ريال للفائز الثاني و(60) ألف ريال للفائز الثالث.
وإضافة لذلك فإن للمؤسسة إنجازات أخرى كإقامة المحاضرات والندوات في مجال الموهبة ونشر الكتب والمطبوعات في هذا المجال وعقد الندوات التلفزيونية والإذاعية والصحفية حول الموهبة والموهوبين وإصدار مجلة (موهبة) الوحيدة من نوعها عربياً ودعم مراكز رعاية الموهوبين، كما أن هذه المؤسسة لم تهمل دور المرأة، فقد أشركتها في كافة نشاطاتها وتم تكوين لجنة نسائية لهذا الخصوص.
ومن ناحية أخرى حددت المؤسسة وكخطوة أولى لرعاية الموهوبين بعضاً من صفاتهم التي يمكن عن طريقها التعرف عليهم، ومنها ما يلي:
* حب الاستطلاع والتعبير عن الرأي وتقبل النقد.
* سرعة في البديهة والتأثر وسعة في الخيال وتذوق الجمال مع رفاهية في الحس وجياشة في العاطفة وانسجام مع الآخرين.
* ثقة بالنفس ومرونة في التفكير وحصيلة في المعلومات وزيادة في القراءات.
وتتفق المؤسسة بأن المدرسة لها دور في اكتشاف الموهوبين بالإضافة إلى دور الوالدين في هذا المجال كما تتفق المؤسسة بأن المعايير التي تستخدم لقياس القدرات العقلية والأعمال المتميزة في مجال الفكر والابتكار هي التي يفرض بعض الموهوبين أنفسهم في الميدان عن طريقها.
وأخيراً فإن المطلوب من الأسر وبالذات الوالدان ومن البنية الاجتماعية المحيطة بالموهوب ومن المعنيين في المدارس تشجيع أصحاب المواهب ورعايتهم والتعاون مع المؤسسة سالفة الذكر في ذلك باعتبارهم ثروة ينبغي استثمارها والمحافظة عليها.
senedy_100@hotmailAsunaidi@mcs.gov.sa