في رمضان تحديدا تنتهك (إعلانات جمع التبرعات) خصوصية الأطفال، عندما يعرضهم الإعلان في حالة مرضية بهدف استدرار عطف المتبرعين والتأثير عليهم, ونرى بعض الجمعيات الخيرية أكثر من يمارس هذه الخطيئة ضد طفل بريء لا يعي أنه بات في لحظة ما (قناة) للتبرع، في وقت يفترض أن يكون معززاً مكرماً يأتيه رزقه رغداً حيث يقيم.
والجميع شاهد التنافس بين عدد من الجمعيات الخيرية في أيهم يكون إعلانه أكثر تأثيراً باستخدام طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أو ممن يقعون تحت طائلة مرض عضال, أو ممن يعانون من (متلازما) معينة, حيث يعرضون صوراً لهم أو مشهداً تلفزيونياً يعبر عن معاناتهم بصورة (مؤلمة) تتقطع لها القلوب.
هل عمل الخير مرتبط بطفل يتألم ؟ لو لم تقدم بعض الجمعيات الخيرية التي تنشر مثل هذه الإعلانات التي تظهر مأساة أولئك الأطفال، هل سيتبرع أحد ؟ الإجابات ستكون متفاوتة, ما يستدعي دراسة جادة اجتماعية تعطينا النتيجة الحقيقية لهذا الموقف الذي مازال منتشرا ورائجا، في حين يغيب إدراك خطره عند الكثيرين.
ويشير عدد من الخبراء والحقوقيين أن هذا الفعل أيا كان مصدره ينشر ثقافة (التسول) باستخدام (الألم), وأن الجمعيات التي تمارس مثل هذا الدور لا تختلف عن (المتسول) الذي يعرض (ألمه) أمام المحسنين ليحظى بقدر أكبر من العطاء.
إذا كان (المتسول) قد قدم نفسه بهذا الشكل برضى وقناعة، فإننا لا نتوقع من جمعية خيرية أيا كان نطاق عملها أن تستخدم نفس الأسلوب لفارق الثقافة والوعي على اعتبار أنها تعرف حقوق الطفل وقادرة على ابتكار طرائق تسويقية وبرامج تبرعات لا تقحم الأطفال فيها.
هذا الأمر بات (رأيا عاما عالميا) حيث تجرم بعض الدول مثل هذه التصرفات, وكثير من الأسر (ترفع قضية) على الجهات التي تستخدم أبناءها في جمع التبرعات, ذلك أن نشر صورة طفل بوضع معين يتطلب موافقته، هذا إذا سلمنا بصحة هذا السلوك.
المتابع لهذا النوع من الإعلانات التي تستخدم الأطفال لمزيد من (التبرع)، يرى أنها في تنامٍ مستمر, وأن الأصوات التي طرقت هذا الموضوع صوتها لم يصل, ما يستدعي تحركا رسميا من الجهات المعنية بهذا الأمر مثل : وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الثقافة والإعلام لتحد قانونيا من انتهاك حقوق الأطفال.
nlp1975@gmail.com