منارات الرياض ومنائرها وبوّاباتها وقطاعات الدولة فيها ومشروعات القطاع الخاص ومراكزه محافظاتها ومراكزها وقراها وهجرها وما تحتضنه من شبكات الطرق والنقل بينها، محطّاتها ومراكزها الصناعية والتجارية والحيويّة والاجتماعية والحضاريّة..
ميادينها ومنشآتها وأسسها التنموية ومخططاتها العمرانية ومراكزها الإدارية والتجارية مشروعاتها الخيريّة والاستثمارية والسكنية.
كل هذه المرافق والمشروعات وما شهدته «الرياض» العاصمة من أحداث وتنمية وبناء وتغيير وتطوير على مدى نصف قرن من الزمان وخمسة مراحل من الحكم تشهد لأميرها الفاضل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أميراً، وأخيه صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبد العزيز وكيلاً ونائباً ثم أميراً لمنطقة الرياض.
كلّ تلك المعالم والأحداث والمرافق الحيويّة تتحدّث عن الحضور الأثير لهذين الأميرين الفاضلين في ميدان البناء والحكم والتنمية والتطوير، واستتباب الأمن، ورعايته، وتوثيق عُرى التواشج الاجتماعي، وتجسيد أواصر العلاقة بين سكان المدن والمحافظات والقُرى والمراكز والهجر التابعة لإمارة منطقة الرياض، وبينها وبين المناطق والمدن الأخرى بالمملكة العربية السعودية، وما بينها وبين الدوّل الأخرى التي تعيش رعاياها في هذه العاصمة الكبرى «الرياض».
وكل من عاش وأقام في مدينة الرياض «العاصمة» وكل محافظاتها ومراكزها وقراها وهجرها من مواطن أو وافد أو زائر أو ضيف يشهد بما تختزنه هذه «العاصمة الكبرى» من معالم التطوير والبناء والتحديث التي نشأت وأشيدت في عصر إدارة وحكم الأميرين الفاضلين سلمان وسطام ابني الملك المؤسس عبد العزيز غفر الله له.
والعاصمة الرياض بوّابة الفتح والتأسيس منذ دخول الملك عبد العزيز فاتحاً مؤسّساً للحكم السعودي عام 1319هـ تستأهل كلّ خير واحترام وتقدير لمكانتها وإستراتيجية موقعها وحُضورها المعبّر في ذاكرة المواطنين ووجدانهم وتاريخهم، وفي ذاكرة كل من سكنها أو زارها واستضافته في أي موقع من مواقعها، فهي العاصمة التاريخية الحضارية للمملكة، شهدت أحداثاً وقفزات في التنمية والتطوير تستحق الدراسة، والرّصد والتناول والتوثيق، وهي أبداً ثريّة بالمعلومات لها وعنها للتحديق في قسماتها، وتاريخها وجغرافيتها ومناخها، وصورها التراثية والتعبيرية الماضية والحاضرة، واستشرافاتها المستقبلية التي لا يمكن أن تغفل دور رجالها ونسائها ومجتمعها ونسيج أعمال كل من أسهموا في بنائها وتطويرها وحركة التحديث والتنمية فيها.
ولابُدّ لتناول تاريخ المملكة العربية السعودية وتوثيقه من الانطلاق من قاعدتها الأولى وبوّابتها التاريخية الرياض، ومركز الحكم (قصر الحكم) فيها منذ زمن المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، وعهد أبنائه البررة سعود وفيصل وخالد وفهد - غفر الله لهم إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - سلّمه الله - ولن يغيب عن الذاكرة حضور سمو الأميرين الفاضلين سلطان ونايف - رحمهما الله - ودورهما في ما شهدته منطقة الرياض من نهضة وتطوّر في جميع منشآتها ومرافقها.
المبرّرات والمسوغات تبرز شاهدة إثبات على انطلاق أشتات من المشروعات الضخمة بمدينة الرياض خلال السنوات الخمسين الماضية هيّأتها لتكون عاصمةً كبرى للمملكة العربية السعودية تحتضن أهمّ المشروعات الحيوّية فيها، ومنها:
أولاً: جامعة الملك سعود التي تُعدُّ أكبر جامعة مساحةً وعناصر تعليمية وتربوية، ودراسية وثقافية ذات إمكانات ومنابر ومرافق شتى، وكليات، ومراكز، وكراسي بحث وتأهيل وتدريب، وقد ضخت عناصر شتّى من القياديين في اختصاصات شتّى.
ثانياً: جامعة الإمام محمد بن سعود التي تضمَّ معاهد وكلّيات تنتشر فروعها في مناطق المملكة المختلفة وتستقطب نخباً من المعلّمين والاختصاصيين ذوي الخبرة والفقه والتمكن في العلوم الفقهية واللغوية والأدبية، وقد أهّلت نماذج من التربويين والإداريين والعناصر الفاعلة في ميدان العمل والتعليم والإبداع.
ثالثاً: معهد الإدارة العامة الذي كان ولا يزال منبراً إداريّاً حديثاً، أسهم ويسهم في تأهيل نماذج من الاختصاصيين في الإدارة والتدريب لخدمة المجتمع في قنواته المختلفة، مما يحرّض على المطالبة بتكثيف الاهتمام لتكرار تجربته الناجحة، وتطويرها، وتوزيعها لتشمل مدن المملكة الأخرى.
رابعاً: إنشاء مطار الملك خالد الدولي الذي كان يُعدُّ أحد المطارات الرائدة لو استمرّ تصاعد العناية والاهتمام بمستوى أدائه وتطويره وتحديثه ليتناسب مع حجم التطوّر والتحديث التي تشهده العاصمة من ناحية كثافة السكان والعمران.
خامساً: إنشاء شبكة كبرى من الطرق الضخمة داخل مدينة الرياض، والطرق السريعة التي تربطها بالمدن والمحافظات الأخرى.
سادساً: إنشاء نخبة من المراكز والمعالم والمؤسسات الثقافية والتراثية الرائدة التي أسهمت في خدمة تاريخ المملكة وتراثها وفكرها وثقافتها وكان لها الحضور الأثير المؤثر في حياة الناس ورفع مستوى التوعية والتأهيل والتثقيف لديهم، ومن أهمّها:
أ- إذاعة المملكة العربية السعودية بالرياض التي أكملت هذا العام عامها الخمسين منذ إنشائها، وتستحق احتفالات ثقافية وإعلامية احتفاءً بهذه المناسبة لهذا المنبر الحضاري الذي يُعدّ (مدرسة تربوية تعليمية تأهيلية إعلامية) تسهم في خدمة البيت والشارع والمجتمع، ولها حضورها اليومي الفاعل في نسيج المجتمع، وجميع تفصيلات الحياة.
ب - التلفزيون: الذي انطلق ليسهم مع الإذاعة والقنوات الأخرى في صياغة وعي المجتمع، وقد أسهم بفعالية في رفع مستوى الوعي والتوجيه والتعليم لأجيال مختلفة.
ج - دارة الملك عبد العزيز:
هذه المنشأة الثقافية التي أنشئت لتحتضن كلّ ما يُعنى بتاريخ المملكة منذ نشأة الدولة السعودية إلى العصر الراهن، ثم تحوّلت إلى منابر ثقافية وأدبية، وتراثية تسهم في خدمة المجتمع في ميادين شتّى، وانطلق منها (مركز الملك عبد العزيز) بالمربّع الذي يضمُّ قاعات للمحاضرات ومكتبات ونخب من النشاطات التي تسهم في خدمة التراث والتاريخ والثقافة العامة والبحث العلمي والأدبي الذي يمكن أن يتعامد مع التوجّهات والمنابر الأخرى لخدمة الأدب والفكر والثقافة ورفع مستوى أدائها وعملها وفاعليتها ويُعنى بنشر الكتب الثقافية التي تخدم تاريخ المملكة وتراثها وثقافتها.
د - مكتبة الملك عبد العزيز العامة:
هذه المؤسسة الرائدة التي عُني بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ إنشائها ووجّه بتطويرها لتسهم في خدمة الثقافة والتوعية ويستفيد من برامجها نخبة المثقفين والدارسين وعشاق الأدب.
هـ - مكتبة الملك فهد الثقافية:
هذه المكتبة الرائدة التي انطلقت بفكرة من أهالي مدينة الرياض في مناسبة من مناسبات احتفائهم بمليكهم ووطنهم لتنسجم مع المنابر الثقافية الأخرى في خدمة البحث والثقافة والإبداع، وتُعدّ إحدى القنوات الفعّالة للارتقاء بوعي المجتمع وتثقيفه، وقد عُني بها سمو الأمير سلمان بن
عبد العزيز منذ أن كان أميراً لمنطقة الرياض حتّى الآن، وأصدر توجيهاته الكريمة لدعمها بالعناصر المؤهّلة، واستقطاب نخب من المؤهّلين الاختصاصيين، وابتعاث آخرين لرفع مستوى الأداء والفاعلية بها، وتطويرها لخدمة الدارسين والمثقفين وطلاب العلم، وشرائح المجتمع المختلفة.
و - مركز الملك فهد الثقافي:
هذا المنبر الثقافي الرائد الذي أنشئ في عهد خادم الحرمين الملك فهد بن عبد العزيز لينضمّ إلى المنابر التي تسهم في خدمة الوعي والفكر والثقافة، وتضمّ قاعات للتدريب، والمسرح، والاحتفالات، ومكتبة ثقافية، وصالات للفنون، وساحات للاحتفالات والمؤتمرات الثقافية.
ز - إنشاء أهمّ منبرين من منابر الإعلام والإبداع :
هما جريدة (الجزيرة) التي أسّست عام 1379هـ - 1960م، وقد أسّسها الشيخ الرائد عبد الله بن خميس - رحمه الله - وجريدة الرياض اللّتين كان لهما حضورهما الفعلي في كلّ فعاليات الرياض ومناسباتها لتوثيق الأحداث والأعمال وتغطيتها إعلاميّاً وصياغة إيجابيّاتها والمتابعة والرصد وتسجيل الحضور الأثير.
سابعاً: إنشاء وتأسيس نخبة من المؤسسات والجمعيات الخيريّة الرائدة في الميدان الإنساني، والوطني التي كان لها دورها الفعّال في خدمة المجتمع، ولا يزال وسيظلّ بإذن الله مع تكثيف العناية والرعاية والاهتمام، ومن أهمّ هذه المؤسّسات الخيريّة الاجتماعية:
أ- جمعية البرّ الخيريّة بالرياض التي أُنشئت لتسهم في رعاية شرائح من المجتمع ومساعدتهم في أحوالهم، وانتشالهم من معاناة الفقر والحاجة وتحسين مستواهم الاجتماعي وقد عُني بتطوير برنامجها سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز منذ تأسيسها، وظلّ يدعم أعمالها ونشاطاتها حتّى تطوّرت اهتماماتها إلى فروع شتّى وفعاليات من أهمّها: مشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري الذي تحوّل فيما بعد إلى مؤسسة مستقلة، واستمرّت نشاطات جمعية البر الخيرية في أعمال البرّ والإحسان مع المؤسّسات الخيرية الداعمة الأخرى التي تتكثّف أعمالها في موسم الخير والبرّ بشهر رمضان المبارك معبّرة عن حضور شخصية الخير الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - وأخيه الأمير سطام بن عبد العزيز - رحمه الله - ودورهما في خدمة المجتمع.
ب - جمعية رعاية الأطفال المعوّقين :
وهي مؤسسة تربويّة إنسانية ذات توجّه خيريّ يُعنى بشريحة من أهمّ شرائح المجتمع التي يُعدّ الاهتمام بها من أسس واجبات الدولة وأوليّاتها، انطلقت فكرة الاختصاص بأداء هذه الجمعية من حاجة المجتمع إلى رعاية أعضائه المحتاجين للرعاية وتكثيف الاهتمام الذي ينبغي أن يستمرّ في الأداء والتطوير والعناية ليصبح جزءاً من أهمّ واجبات المجتمع الحضاري الواعي، وقد كان لتوجيه ورعاية أميري الوفاء والإحسان سلمان ، وسطّام الدور البارز في احتضان هذه الجمعية ورعايتها، واستقطاب الاهتمامات المناسبة لتطويرها، وتحديثها إلى المستوى الأفضل.
ج - جمعية رعاية الأيتام:
هذه الجمعية الإنسانية الاجتماعية التي حظيت برعاية سمو الأميرين سلمان وسطام ودعمهما السخي واهتمامها ووضع البرامج المناسبة لتطويرها وصياغة فعالياتها وأعمالها المتجددة.
الرؤى، والمقترحات:
في معرض المطالبة بتكريم رائدي الوفاء والبرّ والإحسان سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز، وسمو الأمير سطام بن عبد العزيز على جهودهما المبذولة خلال نصف قرن من الزمان لابُدّ من صياغة تصوّر شاملٍ لنماذج التكريم وأساليبه وصوره وذلك لابُدّ له من (لجنة اختصاصية) تقوم بمهمته، وصياغة تفصيلاته، وكيفيته.. إلاّ أنّني هنا أكتفي بطرح عدد من المقترحات التي أعتقد أن العاصمة الحبيبة (الرياض) بحاجة إليها في مسيرتها التطويريّة الحديثة، وهي:
أولاً: إنشاء مركزين للنّقل باسم كلّ من الأميرين سلمان، وسطّام، أحدهما بين شرق الرياض وشماله، والآخر بين شمال الرياض وغربه لأن (مركز النقل العام) الموجود حالياّ بين شرق الرياض وجنوبه لا يستوعب، ولا يوفّر الخدمة الكافية للمناطق الأخرى.
ثانياً: إنشاء مركزين ثقافيّين باسم الأميرين الفاضلين (سلمان وسطام) أحدهما: بين شرق الرياض وجنوبه، والآخر بين شمال الرياض وشرقه ليخدما سكان تلك المناطق بالإضافة إلى (مركز الملك فهد الثقافي) الموجود وسط مدينة الرياض.
ثالثاً: إنشاء مركزين صحيين شاملين في منطقة غرب الرياض لخدمة سكان تلك المنطقة المفتقرة إلى المراكز الصحية الشاملة، وآخر في جنوب منطقة الرياض كذلك.
رابعاً: إنشاء مركز اجتماعي باسم الأمير سطام بن عبد العزيز بين غرب الرياض وجنوبه ليخدم سكان تلك المناطق.
خامساً: إطلاق اسم كلّ من الأميرين (سلمان، وسطّام) على القاعتين الثقافيتين اللتين سيضمهما مبنى (مقر النادي الأدبي في الرياض) تقديراً لدورهما في تأمين الأرض المناسبة للنادي وتخصيصها لأهم واجهة حضارية لهذه العاصمة الأثيرة التي انطلقت من عام 1395هـ. ولا أنسى في النهاية عناية كل من أميري الإدارة والحكمة والوفاء (الأمير سلمان بن عبد العزيز والأمير سطام بن عبد العزيز) بتخطيط مدينة الرياض وإنشاء (الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض) التي أسهمت في التخطيط والتأسيس لمشروعات العاصمة على مدى ثلث قرن من إنشائها ولا زالت تتصل خدماتها لمشروعات أكثر رقيّاً وتقدّماً لنهضة العاصمة الحبيبة للتعبير عن حضورها المعاصر في مقدمة العواصم العربية والعالمية.
a.salhumied@hotmail.com