لا أحد يختلف حول أهمية الخدمة الصحية، فالصحة كما يقال ( تاج فوق رؤوس الأصحاء)، ولا على أهمية العمل الصحي سواء في الطب أو التمريض أو الصيدلة أو غيرها من الأعمال المساعدة كالتخدير والأشعة والمختبرات والعلاج الطبيعي، كما أنه من الأهمية في ذلك أنه لا ينبغي أن تعتمد بلادنا في هذه الأعمال وإلى الأبد، على القوى العاملة غير السعودية التي شاركت معنا مشكورة طيلة السنين الماضية في العمل في هذا المجال الحيوي، فهي قد أفادت واستفادت، إلاّ أنه آن الأوان لكي يتولى مواطنونا هذه الأعمال الحيوية التي لها علاقة مباشرة بالبيئة الاجتماعية، فالطبيب أو الممرض أو الصيدلي أو الأخصائي من المواطنين هم، الأقدر بإذن الله على التصدي لكثير من الإشكالات الصحية وتفهمها بحكم عامليْ المواطنة والبيئة، إضافة إلى أنّ التحاق المواطنين المؤهلين بهذه الأعمال سوف يسهم في معالجة مشكلة التوظيف عن طريق استيعاب المؤهلين الحاليين، ومن سوف يتم تخرجهم في المستقبل في المجالات المشار إليها سواء من الرجال أو النساء.
لقد تم فيما مضى التحاق العديد من المواطنين من خريجي الكليات الصحية من الرجال والنساء بالعمل في مجال الطب والتمريض والصيدلة، وغيرها من الأعمال المساعدة الصحية، ووزارة الخدمة المدنية لا تألو جهداً في ذلك عندما تتوفر لديها الوظائف الصحية الشاغرة أو الوظائف المشغولة بغير السعوديين، وعندما يتوفر الخريجون المناسبون لها، وقد أثبت هؤلاء المواطنون المتخصصون في هذه المجالات نجاحاً باهراً، إلاّ أنّ بلادنا لا تزال في حاجة إلى المزيد من القوى الوظيفية في هذا المجال، خاصة إذا رأينا الإطار الواسع للخدمة الصحية في المملكة، فرغم مساحة بلادنا الشاسعة إلاّ أنه لا يكاد توجد مدينة أو قرية أو هجرة في أي من محافظات المملكة الكثيرة التي تزيد على (100) محافظة، إلا وبها مرفق صحي أو أكثر.
وهذه المرافق بالطبع تتطلّب الأيدي العاملة الوطنية المناسبة لتقديم الخدمة الصحية، لأنّ غالبية القوى العاملة الحالية في هذه المرافق هم من غير السعوديين، فقد سبق أن صدر من مجلس القوى العاملة الذي دمج فيما بعد في وزارة العمل، الموافقة على إستراتيجية القوى العاملة الوطنية في القطاع الصحي، مع تكليف مجلس الخدمات الصحية الذي أنشئ في الربع الأول من سنة 1432هـ بوضع البرامج التفصيلية اللازمة لتنفيذ هذه الإستراتيجية وتنسيقها ومتابعتها مع الجهات المعنية، وهذه الإستراتيجية تغطي الفترة الواقعة من سنة 1424هـ حتى سنة 1449هـ إن شاء الله.
ولقد انطلقت هذه الإستراتيجية من واقع القوى العاملة في المجال الصحي والعوامل المؤثرة فيه وعدم استيعاب كلية الطب، والطب المساعد والصيدلة للراغبين في الالتحاق بها، وهذا بدوره يؤخر عملية اكتمال السعودة في القطاع الصحي التي لا تزال نسبة السعودة في هذا القطاع متدنية، وهو أمر ملاحظ عند مراجعة أي منا لأحد المستشفيات أو المستوصفات الحكومية، فضلاً عن المستشفيات والمستوصفات الأهلية، إذ يلاحظ ندرة العاملين السعوديين في هذه القطاعات، رغم أن الحكومة شجعت العاملين في المجال الصحي بإصدار لائحة وظيفية خاصة بهم وهي (لائحة الوظائف الصحية) وسلّم رواتب خاص، حيث تضمّنت اللائحة من المرونة والمزايا ما من شأنه الترغيب في الالتحاق بالعمل في المجال الصحي، إلا أنه يبدو أنّ هناك أدواراً وجهوداً أخرى ينبغي القيام بها في هذا المجال وبالذات من المؤسسات التعليمية.
ولذلك فإنّ زيادة عدد القوى العاملة الوطنية في المجال الصحي من أطباء ومساعدي أطباء وصيادلة وممرضين وإخصائيين، يتطلّب العديد من تلك الأدوار والجهود ومنها ما يلي:
- التشجيع على الالتحاق بالكليات والمعاهد المعنية بإعداد الخريجين في مجال الطب والتمريض والصيدلة ونحوها من التخصصات الصحية.
- زيادة أعداد الكليات والمعاهد الطبية وتعميمها على المحافظات الكبيرة.
- المرونة عند تحديد شروط وضوابط التقديم لهذه الكليات والمعاهد بما في ذلك نسب المعدلات التراكمية وبما لا يؤثر على مبدأ الكفاءة في القبول.
- تشجيع القطاع الأهلي للمساهمة في إنشاء الكليات والمعاهد الطبية والصحية وحسب الضوابط والشروط اللازمة.
- زيادة نسبة الابتعاث للدراسة في الدول المتقدمة في مجالات العمل الصحي.
- إعادة النظر من حين إلى آخر في وضع المتعاقد معهم من خارج المملكة للتأكد من عدم وجود سعوديين تتوفر لديهم مؤهلات وشروط وظائف هؤلاء المتعاقدين.
- مساهمة وزارة العمل في هذه الجهود فيما يتعلق بسعودة الوظائف الصحية في المستشفيات والمستوصفات الأهلية، بالتنسيق مع وزارة الخدمة المدنية وكليات الطب والكليات الصحية الأخرى.
HOTMAIL-senedy_100@hotmail