يعتبر النوم من الناحية العلمية أهم العوامل التي تساعد الإنسان على التوازن والقدرة على الاستمرار والعطاء والعمل في مسيرة حياته اليومية، ولهذا يعتبر من الضروري للبالغين أن يناموا بين 6- 8 ساعات، وأن النوم ليلاً له العديد من الفوائد أهمها:
زيادة مخزون الطاقة في جسم الإنسان، وتقوية المناعة وتجديد خلايا وأنسجة البشرة والمحافظة على نضارتها ورونقها، وهذا ما يفسر الحالة السيئة التي يبدو عليها الشخص في حالة قلة النوم، لأن قلة النوم عادة ما ستظهره بوجه شاحب وعينين مرهقتين إضافة إلى ذلك، قد يعرضه السهر الطويل، إلى مشاكل الهالات السوداء والانتفاخ وغيرها من مشكلات تؤثر على شكل الإنسان ومظهره الخارجي.
وهو الأمر الذي يتنافى تماماً مع ما نعيشه في واقعنا -وخلال شهر الخير والغفران- على وجه التحديد، الذي نحول فيه الليل إلى نهار والعكس صحيح، وطبعاً هذا الأمر لا يحدث في كثير من الدول الإسلامية والعربية التي تعيش حياتها بشكل طبيعي خلال هذا الشهر المبارك، فهو شهر عمل ونشاط، وعبادة في نفس الوقت، وقد شهد هذا الشهر العظيم العديد من الغزوات التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم، وكان أبرزها غزوة بدر الكبرى.
وبصرف النظر عن هذا الواقع الذي نعيش، لكن دعونا نتناول أمراً مهماً فيما يخص النوم، لنبين للمحرومين من النوم حقيقة من حقائقه، فقد اكتشف العلماء حديثاً سراً جديداً من أسرار النوم، حيث وجدوا أن نشاط الدماغ يصبح في أعلى درجاته، خلال النوم، وحاولوا دراسة كيفية الاستفادة من هذا النشاط الدماغي خلال هذا الوقت، وكيف للإنسان أن يستفيد من وقته وهو نائم؟
وحالياً يعكف العلماء في معهد ماكس بلانك بألمانيا على تحرّي الذكريات وطرق تخزينها وآلية عمل الذاكرة، وقد فوجئوا عندما وجدوا أن النوم يمثل معجزة عظيمة في التذكر والتعلم!
وقد تبين بنتيجة هذه الدراسات أن المعلومات تخزن في منطقة عميقة من الدماغ تدعى hippocampus لفترة قصيرة ثم تتحرك خلال عدة أيام وبخاصة أثناء النوم العميق إلى قشرة الدماغ في منطقة تدعى neocortex لتصبح في مجال الذاكرة الطويلة الأمد.
وهم يعملون بالبحث الدؤوب من أجل الوصول إلى نتائج تساعد الإنسان على استغلال هذه الطاقة، والعمل على الاستفادة منها بالآلية المناسبة التي قد تحتاج وقتاً من الباحثين لمعرفة الكيفية ومساعدة الإنسان على تحقيق هذا الطموح الكبير.
كما أن هناك تجارب سابقة لكتاب استطاعوا أن يستفيدوا من فترة النوم، من خلال كتابة أحلامهم، ومنهم باحثون تمكنوا من معرفة حقائق كثيرة في حياتهم اليومية عبر تسجيل تلك الأحلام، لأن نشاط الدماغ في فترة النوم يرتبط بما هو مخزون في العقل الباطن، وحسب مفهوم قوة العقل الباطن وتأثيره على كافة سلوكيات الإنسان وانفعالاته، ونشاطاته المختلفة، ونظرته للحياة -حسب فرويد- فإنك عندما تكتب أحلامك تكتشف الكثير من الحقائق المتعلقة بشخصيتك، ولا أقصد بكتابة الأحلام -المسارعة فوراً إلى تفسيرها- وإنما هي تفسر ذاتها، عندما تقوم بربط بعضها ببعض، يوماً بعد يوم، وهكذا تساعدك على تحليل شخصيتك، وعلى فهم ذاتك، والأمور التي تشغلك، وهناك طريقة سهلة للتخلص من أي حلم يتردد عليك، من خلال عدم التفكير فيه، لأنك عندما تفكر فيه بعمق، تجعله يتفاعل أكثر، وربما يتردد عليك أكثر من مرة أثناء نومك، مما يجعل البعض من قليلي الثقافة يتصورون أن هذا الحلم يحمل رسالة ما.
بينت دراسة أمريكية أن النوم العميق يقلل من مشكلة زيادة الوزن وخاصة عند الأطفال، وتقول الدراسة التي أجريت في جامعة إيفانستون في ولاية إلينوي إن كل ساعة نوم إضافية تقلل من مشكلة زيادة الوزن والسمنة، وأكدت إيميلي سنيل، الخبيرة المسؤولة عن الدراسات المتخصصة في النوم أن قلة النوم تؤثر على الهرمونات المسؤولة عن الشعور بالجوع وخاصة عند الأطفال.
إذن: علينا أن ننام الساعات المطلوبة، وأن نستغل الليل في النوم، حتى تتحقق الفائدة المرجوة، أما أولئك الذين يعيشون الأرق وعدم القدرة على النوم، فلي معهم حديث في مقال قادم إن شاء الله.
k.khodare@gmail.comكاتب وإعلامي