أعاد أحمد الجربا ترميم الائتلاف الوطني السوري ووفق في جولته السياسية التي بدأت بالمملكة العربية السعودية وأتبعها بدولة الإمارات العربية المتحدة ثم فرنسا فالولايات المتحدة الأمريكية، وكان قمة عمله السياسي والدبلوماسي الاجتماع الذي عقده مع أعضاء مجلس الأمن الدولي، والذي استطاع من خلاله إقامة جسور اتصال بين الدول الأعضاء، وبخاصة الدول الخمس الدائمة العضوية، وبالذات ممن لهم تحالف وثيق مع النظام السوري كروسيا والصين، وقد أثبتت الجولة السياسية للجربا أنه اختيار جيد للقيادة السورية للمعارضة فالرجل الذي اختتم جولته السياسية لدولة قطر، أثبت أنه رجل المرحلة التي شهدت تنافراً بين فصائل المعارضة التي أثرت عليها تدخلات الدول الإقليمية والدولية، إلا أن الجربا الذي لا يصنف على جهة أو فصيل سوى أنه مرتبط بالداخل وله علاقات وثيقة بمعارضة الداخل، ويحظى بالثقة والتقدير كونه غير منحاز لأي جهة إقليمية ودولية بقدر انحيازه وبقوة لشعبه، وهو ما ظهر من خلال اتصالاته ومفاوضاته في جولته السياسية؛ حيث أظهر تشبثاً بمطالب الشعب السوري، وبالذات التخلص من النظام الإجرامي الأسدي، إلا أنه في المقابل أبدى تفهماً للحل السياسي بعد أن أغلقت السبل أمام حل يعتمد العمل العسكري، سواءً وفق مؤتمر جنيف، أو عبر تفاهمات دولية وإقليمية، بشرط أن يتم إنهاء نظام بشار الأسد، بعد أن تلطخت كل أركانه بدءا برئيسه بدماء الشعب السوري.
النقلة السياسية التي أحدثها أحمد الجربا والقيادة المرافقة له من نوابه وأمانة المجلس الذيي شكلوا توليفة تحتل تقريباً كل أطياف المعارضة السورية رافقت تحقيق انتصارات مهمة للجيش السوري الحر التي إن استمرت ستحقق التوازن على الأرض، مما يسرع في عقد مؤتمر جنيف الذي لا يمكن أن ينعقد والنظام يشعر أنه متفوق مما يجعله يرفض التسليم بخطة المؤتمر التي تقضي بتشكيل حكومة تتسلم سلطة الرئاسة، بما فيها الإشراف على الأمن والجيش، وقد رصد المتابعون للشأن السوري أن كتائب الجيش السوري الحر تحرز تقدما ملموسا على الأرض وأوقف التقدم الذي أحرزته قوات بشار الأسد المدعومة بالحرس الثوري الإيراني وميلشيات حسن نصر الله ونظيراتها العراقية، وهذا التقدم الذي روج له وضخمه الإعلام السوري والإعلام اللبناني المرتبط به، إلا أنه وحسب تأكيدات المخابرات الإقليمية والدولية وصور الأقمار الصناعية لا تقاس بما تحققه قوات المعارضة، فمقابل السيطرة على حي الخالدية في حمص بعد معارك استمرت شهراً فشلت قوات الأسد المدعومة بالمليشيات الطائفية في الريف الغربي وحي الوعر الذي يحوي معظم سكان حمص.
التركيز على حمص هدفه وضع أساس دويلة العلويين، إلا أن الثوار والجيش السوري الحر لا يمكن أن يسمحوا بذلك، ولذلك، فإن الإستيلاء على حي الخالدية من قبل نظام بشار الأسد بعد الاستعمال المكثف للصواريخ لا يعد بداية لتنفيذ المشروع الطائفي؛ لأن الجيش السوري الحر والثوار قادرون على إفشال هذا المخطط بدليل تسارع سقوط مواقع النظام في ريف دمشق ومحافظة درعا، إضافة إلى التقدم الملموس للجيش الحر في شمال البلاد.
jaser@al-jazirah.com.sa