بإمكاني، وبإمكان أي شخص أن نقوم بـ”تجميع” مقالات مكتوبة في الصحافة الغربية ضد الرجال، وترجمتها إلى اللغة العربية أو الاستعانة بمترجم مُتمكن، أو مكتب ترجمة، ثم الاتجاه إلى واحدة من الكاتبات النسويات لتضع على رأس هذا الكتاب صفحتين مليئتين بالثناء على النساء، وتبصم على أن الرجل هو سبب كل مشاكل العالم -ولو حصل هذا فلن يكون فيه أي تجني- ثم أتجه إلى مكتبة الشعر العربي، أو الغربي، وأختار بعض الأبيات التي فيها هجاء للرجل، وإن كان الشعر النسوي على مر التاريخ لم يهجو سوى رجال بعينهم، ولم يعمم على الرجال كما فعل الشعر الذكوري، ولنا أمثلة في الأبيات الشهيرة لحميدة بنت النعمان، وأم صريّع الكندية وغيرهن. بعد ذلك أتجه إلى أقوال فلسفية وحِكم تدين الرجل، وتُبرز سلوكياته السلبية، ولا يمنع الاستعانة بما كُتب في هذا السياق بكل اللغات، ومن الواجب هنا، إيراد الوجه السيئ لأشهر الرؤساء والوزراء في الغرب، للتأكيد على أن الرجل فاشل في كل القطاعات، وأن النجاح لا يحدث إلا بإبعاده ونفيه عن كل المواقع. وبذلك نضيف إلى رصيد المكتبة العربية كتابًا يدين الرجل بالحجة والدليل.. هذا ما فعله المترجم حمد العيسى، في كتابه (ضد النساء) فقد بحث طويلاً في كل ما كُتب من مقالات وقصص تدين المرأة، وتؤكد أنها فاشلة في كل شيء، وقام بترجمتها لتخرج في قالب كتاب يثبت أن للمرأة وجه سيئ يظهر إن هي تمكنت من المواقع القيادية!
لن أبخس الكتاب حقه، في كونه يتمتع بالخفة والظرافة، وإن لم تكن “خفة الدم” هذه مقبولة عند الجميع، إلا أن فيه معلومات مفيدة وثرية، لكنها ناقصة -كما رأيتها- لأنها أحادية الرأي، وتطرحه من جانب واحد. آخذ على هذا مثالاً، حكاية الكابتن هولي غراف، التي أُتهمت بالقسوة مع طاقم سفينتها، وعلى أثر هذا تمت إحالتها إلى التقاعد، هذه الكابتن سمعت عنها قبل سنوات وتحديدًا أبان مرحلة حرب الخليج الثانية، وكانت وجهات النظر متفاوتة حولها، إلا أن حمد العيسى، أورد ما كُتب حول هذه المرأة من مقالات وأقاويل سلبية ليُثبت فشلها!
كنت سأنظر إلى كتاب (ضد النساء) بشيء من الجدية لو أن فيه شيئا من الحياد، لكنه في الواقع خرج بشكل يعزز مفهوم المعركة بين المرأة والرجل، وكأن نجاح أي منهما لا يتم إلا عن طريق إلغاء الآخر، وهذا مفهوم غير صحيح، بل أرى أنه أحد أهم أسباب إعاقة حصول المرأة على كامل حقوقها، لأن هناك من يرى أن المرأة في حال تمكنّت من هذا الحق، فإنه كرجل سيفقد موقعه!
الحياة لا تسير دون امرأة ورجل، ولا يمكن الوقوف على قدمٍ واحدة، وحقوق المرأة ونجاحها وتفوقها ليس فيها أي إلغاء للرجل، بل هي مسيرة لا تكتمل إلا بنجاحهما سويًا، والرجل العاقل يُدرك هذه الحقيقة، لذا يقف إلى جانب المرأة ويشجعها ويدعمها، وإن لم يكن قادرًا على هذا كله، فعلى الأقل يتوقف عن عرقلة طريقها!
وردًا على هذا الكتاب وغيره ممن يحمل فكرًا سلبيًا ضد المرأة، أستعين بالمقولة الشهيرة: “أكبر عيوب الرجل أنه لا يضع نفسه مكان المرأة التي يحكم عليها!”.
www.salmogren.net