يمثل تأسيس مجلس الوزراء المرحلة النهائية في عملية التوحيد الإداري، التي بدأت بالتوحيد السياسي للدولة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - عام 1351هـ / 1932م، فدخلت بذلك إدارة المناطق طوراً جديداً بعد أن أشرف مجلس الوزراء على المناطق كافة.
ولرغبة الدولة الحقيقية في تفعيل عملية التنظيم للإدارة المحلية صدر في عام 1359 هـ-1940م نظام سمي بـ(نظام الأمراء)، وقد عرف النظام مسؤوليات وواجبات أمراء المناطق، فكان كل أمير يتصرف في شؤون إمارته وفقاً لما يراه مناسباً، أو حسبما يرد فيه تعليمات مباشرة من الملك، ما عدا المسائل الشرعية التي ترك أمرها للقضاء صاحبة كلمة الفصل. وقد كان لكل إقليم ظروفه التي تتطلب معالجتها نوعاً من المرونة، وسرعة التصرف، نظراً لصعوبة المواصلات وضعف الاتصالات، ولاسيما في بداية تكوين الدولة، وفي حالة إذا ما عرضت للأمير نازلة تحتاج إلى أمر سام فإنه يرفعها للملك حتى يأتي التوجيه الملكي المناسب لها.
وفي عام 1383هـ صدر نظام المقاطعات، وقد قسم النظام المملكة إلى مقاطعات قسمت بدورها إلى مناطق. وفي السياق نفسه عام 1412هـ أصدر الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - نظاماً جديداً للمناطق، وقد تلا ذلك صدور أمر ملكي يقسم الدولة إلى ثلاث عشرة منطقة، ويرأس كل منطقة أمير بمرتبة وزير، ويجتمع الأمراء مرة كل عام برئاسة وزير الداخلية لمناقشة الأمور المتعلقة بالمناطق، ويرفع وزير الداخلية تقريراً بذلك إلى رئيس مجلس الوزراء، ويدير الأمير منطقته تبعاً للسياسة العامة للدولة. مما سبق نلاحظ أن الدولة مؤمنة بالتطوير الإداري منذ نشأتها، فهي تتناغم مع متطلبات العصر طبقاً لمصطلح (الإصلاح الإداري) الذي ظهر مؤخراً في علم الإدارة. فالإصلاح الإداري في مفهومه يعني إصلاح من أجل مواكبة المستجدات التي يعيشها العالم، والبُعد عن تعطيل مصالح الناس والبطء في تقديم الخدمات وتدني مستوى الإنتاجية، أو ما يسمى بـ(البيروقراطية).
قبل أيام في هذا الشهر الفضيل اجتمع أمراء المناطق برئاسة سمو وزير الداخلية كعادتهم السنوية. علماً بأن نظام المناطق هو أقرب نظام يلبي احتياجات المواطنين، وإحدى قنوات الاتصال بين الحاكم والشعب التي نهجتها الدولة منذ تأسيسها. والله الموفق.
turki.mouh@gmail.com@turkialmouh