|
في مثل هذه الأيام وفي شهر رمضان شهر الخير والبركة نرى جحافل المتسولين وعصاباتهم المنظمة تستغل روحانية هذا الشهر الفضيل لتستدر عطفنا وحبنا لبذل الخير ومساعدة المحتاجين، حيث ساءني منظر تلك المرأة القابعة عند إشارة المرور تحمل بيدها طفلاً يكاد يكون في عالم آخر، تنظر يمنة ويسرة وتستعطف المارة. لقد فكرت ملياً.. ما الذي دعا تلك المرأة في ذلك الوقت من الظهيرة إلى الوقوف حيث حرارة الشمس المرتفعة وعوادم السيارات التي تكاد تزكم الأنوف؟! هل ما دعاها إلى ذلك الموقف هو الحاجة فعلاً أم أنه سعار المال الذي لا يرحم وتلك النفوس البشرية التي لا تعرف معنى الرحمة؛ حيث العصابات المنظمة التي تجند مثل تلك المرأة وغيرها وتضمها إلى قائمة المتسولين التي لا ترحم الشيخ الكبير أو العجوز المسنة أو ذلك الطفل البريء الذي يكاد يودع الحياة بين يدي تلك المرأة المستأجرة؟ نعم إنه سعار المال الذي لا يرحم، فحكومتنا الرشيدة - ولله الحمد - أقامت الجمعيات الخيرية المنتشرة في كل مكان، حيث بإمكان أي شخص محتاج أن يتقدم إليها لتقوم الجمعية بدراسة حالته ومد يد العون له، وكذلك بإمكان أي شخص محتاج أن يذهب إلى إمام المسجد وهو بدوره يدله على من يكفيه حاجته إذا تأكد فعلاً من صدق حاجته، فأهل الخير في هذا البلد كثيرون، ومن هو محتاج فعلاً سيجد من يقدم له المساعدة في هذا البلد الطيب الآمن وبحمد الله. ولنلقي نظرة سريعة على حال تلك المرأة وغيرها.. ما الذي جعلها تقف ذلك الموقف وغيره كثير؟ ما الذي شجعها على ذلك؟ فلو وجدت صدى وامتناعاً من الجميع لما وقفت ذلك الموقف، فمع الأسف الشديد إنها تجد من يسيء لهذا البلد الطيب ويشوه سمعته أمام زائريه بقصد أو بغير قصد وبحسن نية أحياناً بتقديم العطاء لها ولغيرها، فلخدمة هذا البلد المعطاء يجب علينا جميعاً الوقوف في وجه تلك الظاهرة وتحجيمها، فتلك الفئة تريد وصمنا بعار الذل والحاجة وتشويه سمعتنا أمام الغير ووصفنا بأننا شعب فقير يستعطف ويتذلل للغير، فينبغي علينا أن نحاربهم جميعاً بالامتناع عن تقديم العطايا لهم، ومن يرغب في الخير فمصارف الخير كثيرة، فهناك الجمعيات الخيرية وجمعيات البر التي تكفل وصول الخير لأهله، وإذا كان لا بد من ذلك فعليك أن تقوم بذلك بنفسك، فجرب أن تحتفظ بما تريد تقديمه لمثل هؤلاء المتسولين وشراء علبة عصير أو قنينة ماء أو لبن ووضعها إلى جانبك في السيارة ومناولتها هؤلاء العماالمساكين الذين يصبرون على القيام بنظافة شوارعنا، وستجد الشكر والمزيد من الغبطة مرسومة على تلك الوجوه الكادحة وستجد أيضاً من يلهج لك بالدعاء، وبذلك تكون قد أوصلت صدقتك لمن يستحقها وشجعته على التفاني في عمله وخدمة هذا الوطن المعطاء فهل نفعل ذلك؟؟ وفق الله الجميع لما فيه الخير.
- الرياض