|
منذ أن أقدم الجيش المصري على عزل الرئيس محمد مرسي من منصبه على خلفية ثورة الثلاثين من يونيو توالت ردود الأفعال في المنطقة إذ أقدم عدد من الدول بالتهنئة والدعم والبقية الأخرى تقبلت الوضع على مضض، وإن كانت قد وجهت انتقادات بشأن سير العملية الديمقراطية في مصر مكتفية بمطالبة سرعة تسليم السلطة للمدنيين، لكن الموقف التركي ممثلا برئيس الحكومة رجب أردوغان أخذ على عاتقه منذ الوهلة الأولى التنديد باستمرار لما أطلق عليه مسمى الانقلاب العسكري مع رفض التعامل مع الحكومة المصرية الجديدة، كل هذا جاء بغض النظر عن قراءة ماستؤول اليه الأوضاع في مصر لو استمر الرئيس المعزول محمد مرسي في منصبه من تطورات قد لاتصب في صالح مصر وشعبها بقدر ماستعصف بهم الى هاوية الحرب الأهلية.
موقف رئيس الحكومة التركية رجب أردوغان من الثورة المصرية الثانية لم يكن ليأتي من باب الدفاع عن الشرعية الدستورية والحفاظ على سير العملية الديمقراطية والعلاقة مع الإخوان المسلمين في إطار الإسلام السياسي بقدر ما جاء من باب الخوف من انتشار العدوى من الشعب المصري الى الشعب التركي، وأن تحل الإرادة الشعبية في تركيا بدلا من صناديق الاقتراع التي من السهل العمل على كسبها من خلال دغدغة مشاعر الشعب أو العمل على إدارتها عن طريق المال، خاصة وأن تركيا قد شهدت حراكاً شعبياً على خلفية ميدان تقسيم، أضف إلى ذلك أن هناك نسبة من الشعب التركي تعاني من الاحتقان بسبب ممارسات رئيس الحكومة التركية رجب أردوغان في الشؤون العربية إذ إن المتابع للأحداث التي جرت في الأونة الأخيرة في تركيا يؤمن بأن الأغلبية لم تكن لتخرج لأجل ميدان تقسيم بقدر ما تحاول العمل على التنفيس من الاحتقان المتزايد لديها، علاوة على ذلك فقد لحقت بتركيا العديد من الأضرار جراء هذه الأساليب لعل أخرها تفجيرات الريحانية فهذه المشاهد جميعها حتى وأن هدأت فهي لاتزال تهيمن على الأجواء التركية قابلة للعودة مرة أخرى.
كان من الأولى على رئيس الحكومة التركية رجب أردوغان العمل على تحكيم العقل وقراءة الوضع على الأرض بعيداً عن مشاعر الخوف التي انتابته فما تم الإقدام عليه قد يعمد الى عصف علاقات تركيا مع الدول العربية وخاصة دولة بمكانة مصر التي تعتبر بمثابة قلب العالم العربي ونقطة الاستقرار، أضف إلى ذلك أن موقف تركيا من الإردة الشعبية المصرية قد ينعكس على الشعب التركي ويحفز لديه اتخاذ مواقف عديدة تنطلق من إرادته؛ إذ لايزال يرى الحكومة التركية تستمر في تدخلاتها السافرة التي تنطلق من مصالح خاصة، إذا كان اردوغان قد كتبت له النجاة في المرة السابقة فإن المرة القادمة التي سوف تكون إما عن طريق الاحتقان الشعبي أو تصفية الحسابات سوف تعصف به، ولن تكون ممارسات حشد الأنصار بمثابة طوق نجاة له.
Kaiaal33@gmail.com - twitter : @khzaatar