|
من أجمل ما كان يميز شهر رمضان في الزمن الماضي، ذلك الاجتماع الأسري الحميمي، الذي كان يميز حياة الناس فيه، كان يجتمع فيه الأصدقاء والأقارب في مسامرات وجلسات عائلية، فتقوى مودتهم، وتتجدد محبتهم، أمّا في «الرمضانات الأخيرة» فقد قلّت اللقاءات والاجتماعات بين الأسر إلى حد كبير، وأصبحت وسائل الاتصال المتنوعة، تنوب عنهم في قيامهم بالزيارات ولقاء بعضهم، على الرغم ما في اتصالهم من الأجر والثواب، بل تحول كثير من الناس إلى تفضيل البيت والجلوس أمام التلفزيون ومتابعة البرامج التي تعد للعرض في رمضان، أو تجشم عناء السفر لبلدان مجاورة، رغم أن لرمضان لذة وطعماً وقدسية لا تضاهى حين يقضيه الشخص في بلده، وبين ناسه وأهله وكلنا جربنّا رمضان بالخارج «وللناس فيما يعشقون مذاهب»؛ إلا أني في خاطرتي الأولى أتذكر معكم الأجواء التي كانت تمتاز بها «رمضانات الأمس», أحسبها قد ولتّ أو خفت بريقها، فقد كانت تحفل بمشهد التقاء الأسر وتجمعهم في لياليه، والتفافهم حول موائده بأصناف المأكولات الرمضانية التي تعدها ربات البيوت، ويختص بها رمضان، وكان سهرهم فيه، يمتد إلى ساعات السحور، عشنا بعضاً من تلك الأجواء صغاراً، لكن من سبقنا عمراً، لا يزال يذكرها، ويذكر لذتها في سني عمره، ولم يعد يتبقى لنا ولهم إلا كلمة، ليت هاتيك الأجواء الرمضانية في الزمن الماضي تعود، على الأقل ليستطعمها أجيال اليوم ولكن كما قال شاعر نسيت اسمه:
«يا قلب ويحك لا سلمى بذي سلم .. ولا الزمان الذي قد فات مرتجع» فقد أصبح أيام الأمس مجرد ذكريات نتساقاها، لنرتوي طعم الحياة!
mfaya11@hotmail.com