يوماً بعد آخر؛ تؤكد الهيئة الملكية للجبيل وينبع أنها لا تركن للمنجزات السابقة؛ بل تنمو وتتطور بشكل مدروس لا يخلو من الإبتكار؛ تجد لدى المسؤولين فيها قدرة عجيبة على العمل والإبداع؛ وفق أهداف محددة قلما تجدها في المؤسسات الحكومية الأخرى؛ ثقافة العمل والإنتاج فيها أقرب للقطاع الخاص منها للقطاع الحكومي؛ ولعل هذا ما يساعدها على الإبداع والتطوير المستمرين.
بعد ضم رأس الخير للجبيل الصناعية ووضعها تحت إشراف الهيئة الملكية توقع البعض أن يؤثر ذلك على المدينة الصناعية الأولى؛ على أساس احتياجات منطقة رأس الخير الوليدة؛ وأهمية التركيز على مشروعاتها الضخمة.. شيء من هذا لم يحدث؛ بعد؛ وأظنه لن يحدث أبداً؛ فالكفاءة الإدارية قادرة على توزيع العمل وضمان النجاح في منطقتين متوازيتين ومنفصلتين عن بعضهما البعض؛ بل هي قادرة على إدارة التنمية في المحافظة ككل؛ إضافة إلى المدن الصناعية الأخرى.
تجاوزت الهيئة الملكية التنمية الصناعية وباتت تركز كثيراً على تنمية الإنسان والمكان؛ وتسعى جاهدة لتقديم الخدمات بأنواعها؛ وعلى رأسها التعليم؛ والصحة؛ والإسكان.
تسعى الهيئة الملكية لتطوير كلياتها الجامعية؛ للبنين والبنات؛ على أسس عالمية فريدة؛ وتجتهد من أجل وضعها تحت مظلة «الجامعة» لإعطائها المكانة المستحقة؛ وهو أمر لابد أن يتحقق؛ فما تقدمه كليات الهيئة الملكية من تخصصات؛ وعلوم؛ إضافة إلى نوعية المواد تجعلها في مستوى يفوق بكثير بعض الجامعات الداخلية؛ ويوازي ما تقدمه الجامعات العالمية؛ وهذا بشهادة المختصين؛ فمن باب أولى أن تنضوي هذه الكليات المتميزة تحت مظلة «الجامعة» التي تستحقها الهيئة الملكية وتستحقها محافظة الجبيل وأهلها؛ والتي نأمل اعتمادها سريعاً؛ تحقيقاً للمصلحة الوطنية.
لم أتفاجأ حين سمعت عن جهود الهيئة الملكية في فتح باب الابتعاث لتلبية احتياجات مرافقها الخدمية؛ وعلى رأسها القطاع الصحي؛ الذي تديره بكفاءة عالية. ندرة التخصصات الطبية دفع بالهيئة الملكية بالجبيل إلى خلق كفاءات سعودية من خلال الإبتعاث الخارجي. أعتقد أن التخصصات الطبية باتت أكثر التخصصات طلباً نتيجة للندرة؛ ومع تقلص فرص الدراسة الداخلية لأسباب مرتبطة بحجم الاستيعاب؛ يصبح الابتعاث الخارجي بديلاً مناسباً للجميع. خلق الإطباء المختصون لملء الوظائف المتاحة وضمان تقديم الخدمة المتميزة لسكان المدينة وما حولها أمر غاية في الأهمية؛ خاصة وأننا لا نتحدث عن وزارتي الصحة؛ أو التعليم العالي؛ بل نتحدث عن مؤسسة حكومية خدمية بات ضمن مهامها؛ تشغيل وإدارة قطاع صحي مصغر في أكبر المدن الصناعية في المنطقة.
أنتقل إلى قطاع الإسكان؛ الذي أتمنى أن تستفيد منه وزارة الإسكان؛ وقد كتبت مقالاً موسعاً حول هذا الموضوع من قبل.. أحسب أن تجربة الهيئة الملكية في تطوير وبناء المدن السكنية؛ هي التجربة الرائدة في المملكة؛ وهذا يدفعنا إلى مناشدة الجهات المسؤولة للاستفادة من هذه الخبرات المتميزة التي أثبتت نجاحها على أرض الواقع. ما تخطط له الهيئة الملكية اليوم يفوق ما أنجزته في التنمية السكانية من قبل؛ فبالإضافة إلى الأحياء السكنية الجديدة التي ستلبي طلبات الإسكان؛ تقوم حالياً على تنفيذ مشروع تنموي ضخم وهو «مركز المدينة» الجديد الذي سيغير من وجه الجبيل الصناعية التنموي وسيزيده تألقاً. مركز شامل يضم مقار الشركات؛ والقطاعات المالية؛ والتجارية والترفيهية صمم بأسلوب حضاري حديث قادر على نقل المدينة إلى مصاف المدن الأكثر تألقاً على مستوى العالم؛ وليس المنطقة. اطلعت على فيلم مصور عن المشروع الطموح؛ فزادني فخراً بمدينتي المتألقة؛ التي أدعو الله أن يتم استنساخها في جميع مناطق المملكة؛ وأن تكون النموذج الأمثل لمشروعاتنا التنموية القادمة.
الهيئة الملكية أسهمت أيضاً في تقديم المباني الحكومية المجهزة للإدارات الحكومية في المحافظة؛ وخصصت لها منطقة متكاملة الخدمات. مشروع «مجمع الإدارات الحكومية» من المشروعات التنموية المتميزة التي توفر البيئة المناسبة للموظفين والمراجعين على حد سواء؛ إضافة إلى ما تحققه من ترشيد الإنفاق الحكومي؛ وتحقيق كفاءته. كل ما أرجوه أن تسهم الجهات الحكومية في إنجاح هذا المشروع من خلال الإنتقال السريع له؛ وتقديم الخدمات الحكومية المتميزة للمواطنين؛ واستكمال ما نقص منها؛ وعلى رأسها شعبة إصدار جوازات السعوديين.
نُكثر من استخدام مصطلح «التنمية المستدامة» التي تعتبر هدفاً للحكومة والمواطنين؛ وتبقى مدينة «الجبيل الصناعية» النموذج الأبرز لها حتى الآن.
f.albuainain@hotmail.com