لا يملك كل شخص الشعور بأهمية وجود نظام للرفق بالحيوان، وهذا ليس حالة مجتمعية خاصة، بل هي عامة في أرجاء العالم العربي، الذي يدين معظمه بالدين الإسلامي، إلاّ أنه و - للأسف - هناك كثير من الناس ابتعدوا عن تعاليم الدين، من بينها حث الإسلام على الرفق بالحيوان. بينما في الدول الغربية نجد اهتماماً بالغاً بالحيوانات، والرفق بها حالة عامة بين المجتمعات الغربية، وتربية الحيوانات الأليفة بالمنازل لا تجد أي استهجان كالذي نراه في مجتمعاتنا، بل إن لديهم حرصاً كاملاً بتخصيص متاجر لبيع مستلزمات الحيوانات، وعيادات ومستشفيات متخصصة، ويُلاقي أي فرد نظرات الازدراء، أو عبارات التوبيخ إن هو قال: (اشتريت قطاً، أو اشتريت كلباً) لأنهم يحترمون هذه الأرواح، والجملة البديلة المتداولة هي: (تبنيّت قطاً، أو تبنيّت كلباً)، إذ إنّ الشراء يعني التملك، وتربية الحيوانات لا يعني تملكها!
كثيرة هي القيم والمبادئ الشائعة في المجتمعات الغربية، والتي نحتاج إلى مسافات قرون ضوئية لنصل في تعاطينا مع كثير من الأشياء، إلى التدقيق في تفاصيل تغيب عن أذهاننا، ولو عدنا إليها لوجدنا أنها تعاليم دينية فقدناها في ظل تغييب الفكر وتوجيهه نحو قضايا سطحية لا تخلق بيننا سوى الجدل العقيم.
تابعت ردود الأفعال إزاء إقرار المملكة نظام الرفق بالحيوان، وجدت - بعضها - مُخيّباً للآمال، بل وللمشاعر الإنسانية، وهذا ليس بغريب على مجتمع - بعض - أفراده يضحك ويتسلّى بمشاهد الفيديو التي فيها إيذاء للحيوانات، بل إن هذه المشاهد هي الأكثر من حيث الزوار والتعليقات التي لا ترى في مشهد قط يُقتل إلا صورة مسلية ومثيرة للضحك، ولإرسالها في مجموعات البريد الإلكتروني والواتسأب، ليضحك ويتسلى البقية على إيذاء كائن حي، خلقه الله - عز وجل - وهو وحده المخوّل بإنهاء حياته.
النظام الصادر للرفق بالحيوان، يحتاج إلى عقوبات أكثر تشديدًا من الغرامة المالية، فذاك الشاب الذي يصور نفسه وهو يغتال روح وكرامة كائن حي، لا بد أن يشعر بفداحة جريمته عندما يجلس وحده خلف القضبان.. أيضاً إنشاء منظمات وجمعيات خاصة بحقوق الحيوانات والرفق بهم باتت مهمة لتتزامن مع صدور هذا النظام الرائع.
إضافة إلى ملاجئ ودور إيواء للقطط السائبة التي تملأ شوارعنا، وتتعرّض لأبشع أنواع العنف، هي أمر مهم، وأذكر في هذا السياق قصة حصلت لي قبل عدة أشهر عندما كنت في الأردن، وكانت قطة صغيرة تجلس بجانب البيت، داومت على إطعامها عدة أيام ثم لاحظت أنها مريضة، ولأنني سأعود إلى الرياض، ولا أملك الوقت لعلاجها، بحثت عبر الإنترنت فوجدت أن لديهم جمعية للرفق بالحيوان، حملت القطة إليهم، وقابلني طبيب بيطري واستلمها مني لتصبح من سكان الدار، سألته إن كان بالإمكان أن أضع لها مبلغًا ماديًا، فأبلغني أنهم جمعية حكومية لا تأخذ مساعدات مادية، بينما تقبل التبرع بأطعمة ومواد غذائية. تجوّلت على السريع في هذه الجمعية، فوجدت مرافق رائعة، وأجهزة طبية وكوادر بشرية كلها في هذا المكان لأجل الحيوان.
مثل هذه الجمعية نحتاج لوجودها، أيضًا نحتاج إلى مستشفيات مجهزة، وليس فقط عيادات صغيرة لا تقدم سوى الإسعافات الأولية للحيوانات.. الوعي بهذه الكائنات التي تتنفس وتشعر وتتألم وتأكل وتشرب، لا بد أن يكون على نطاق واسع، فما قرأت من ردود أفعال حول صدور نظام الرفق بالحيوان، كان كثير منها مؤلماً، بل ومخيبًا للآمال!
www.salmogren.net