في مطلع الأسبوع قبل الماضي إن لم تخني الذاكرة تم التعريف بمشروع “السلام عليك أيها النبي”، عبر لقاء تلفزيوني مع د. الزهراني، وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبر وجود هذا المشروع في بلاد الحرمين بفرح واستبشار، وعني شخصياً فقد بعث لي عدد من الزملاء والقراء الرابط المذكور طالبين مني مشاهدته والكتابة عنه، الأمر الذي أعادني من جديد إلى الملف الذي أقفلته من قبل - كما أشرت إلى هذا في مقال الثلاثاء - وعزز هذا الدافع لدي وقوى باعث الكتابة فيه اليوم أمور عدة أهمها عندي:
) ما عُرف عن الدكتور الزهراني من حرص شديد على حماية جناب التوحيد سواء في خطبه أو أشعاره وكتابته وأقواله كيف لا وهو من “ حسيني “ سلالة الحسين بن علي بن طالب رضي الله عنهما، وتربى في محاضننا التعليمية والدعوية منذ صغره حتى تخرجه في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وتتلمذ وصحب سماحة الشيخ الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز سنوات طويلة، وله صلة قوية بفضيلة الشيخ ابن عثيمين وفضيلة الشيخ ابن بسام رحمهم الله جميعاً.
) أن المشروع من أوله لآخره قائم على ما قال الله وصح عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو بالجملة عمل علمي محكم بامتياز.
) أن أول محطات المشروع هي في باب التوحيد ونشأة الكون والخلق، ويتضمن هذا القسم الهام مفردات رائعة تؤكد على وجوب سلامة المنهج وحسن المعتقد حين النظر في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام.
) أن هناك مجموعة من علماء الأمة وطلب العلم وأهل الاختصاص العارفين بالمذاهب والتيارات المتبحرين بالتوحيد في عالمنا الإسلامي زاروا مقر المشروع وسجلوا كلمات الشكر والثناء والدعاء لمن انبرى لهذا العمل المتميز، ولم يعلن حسب علمي من عرف عنهم السلامة والحرص من علماء وفقهاء هذه البلاد وغيرها التراجع عّما كتب أو قال.
) الحاجة العالمية الماسة لمثل هذه المشاريع النوعية فنحن في زمن الثقافة البصرية والمعارض وسيلة للبلاغ كما هي الكتب والمحاضرات.
) أن التيارات والمذاهب والفرق والجماعات الإسلامية تدعي قربها للنبي وحبها له وتعبر عن هذا الحب والوصال بمخالفات عقدية معروفة، والمشروع في نظري المحدود يأتي ليطفئ الزيف ويرسخ الحق المبين بأسلوب عصري رائع ورائد.
) أن الفكرة الأساس لهذا المشروع لا خلاف عليها بل هي محل اتفاق وترحيب فهي ترتكز في مجملها على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والحرص على التعريف به بلغات عالمية وبأساليب مبتكرة تتلاءم وعقلية الأخر، وقد تكون الأخيرة هي محل النزاع في هذا الباب والله أعلى وأعلم.
) أن صاحب المشروع والفريق المختص الذي يعمل معه قطعوا شوطاً طويلاً فيه، وأفنوا ساعات ليلهم ونهارهم قراءة وتخريجاً وترجيحاً بين الرويات، يريدون بذلك خدمة الدين والتعريف بالنبي الأمين ونشر الإسلام بأسلوب يتلائم والعقلية العالمية اليوم فالمعارض والمشاهد التقريبية - كما أشرت أعلاه- أبلغ عند المتابع والمراقب والإعلامي والداعية و... من غيرها في عالم مصاب بحمى التصوير.
) أن المشروع ليس له صبغة تجارية وصاحبه أوقفه لله عز وجل خدمة لهذا الدين بل خدمة للإنسانية جمعاء، و هو في الأساس من تكفل بجميع تكاليفه ورفض العروض التي قدمت له - كما قال هو بلسانه وفي أكثر من مناسبة-.
) أن هناك في عالمنا المعاش ما قد يكون وسيلة مؤدية للتبرك وموصل للشرك لا سمح الله، ومع ذلك لم يؤثر ولله الحمد والمنة على عقائد أهل هذه البلاد الذين عرفوا خطورة هذا الأمر سواء عند القبر أو في مواقع المعارك أو على طريق الهجرة أو في الغار أو. ...
لذلك كله ولما أعرفه عن علماءنا الأجلاء من حرص شديد على تبليغ الرسالة وجمع الكلمة وتوحيد الصف ودعم وتشجيع وتحفيز المبادرات الخيرية والمشاريع الطيبة التي يتوخى أن تكون بإذن الله منابر نور وسبل هداية.. لذلك أتطلع مثل غيري كثير أن يكون هناك حور بين الطرفين “ المعارض والرافض للمشروع من جهة والمبارك والداعم والشاكر والمشارك من جهة أخرى “ يحرر فيه محل النزاع ويدرس الموضوع من عنوانه حتى أخر مفردة فيه، وتناقش وبكل شفافية ووضوح إيجابياته وسلبياته الحالية والمتوقعة مستقبلاً، ومن ثم يخلص إلى القول الفصل الذي تسير وتلتزم به الأمة جمعاء، فالمشروع كما أعرف ويعرف كل من زاره واطلع على مقتنايته ضخم وشامل وله منافذ وأبعاد عديدة ومتنوعة. . وحتى لا يفسر كلامي خلاف ما أردت فإنني أعود لأؤكد من جديد إنني هنا لا أملي ولا اجتهد فلست مؤهلا لا لهذا ولا لذاك، والتأدب مع علماءنا الربانيين يوجب على أمثالي السكوت والالتزام بما قالوا، ولكنني فقط أفكر هنا بصوت مرتفع، وأحاول أن التمس الحق فيما قيل، وأزيل عن نفسي الشبه والشكوك، وأنثر أمنيتي عبر سطور هذا المقال علّها في هذا الشهر المبارك تكون من بين الأسباب التي تعزز وتمهد للوصول إلى رأي و سط يبقي ما هو خير ولا شبهة فيه من أجل التبليغ والتذكير والهداية ورسم خارطة الطريق لمن ظل وتاه، ويوقف ما يظن به الإفضاء إلى الشر وأوله وعلى رأسه الشرك..
دمتم بخير وإلى لقاء والسلام..