أتفاجأ بردَّات الفعل المفرطة في حساسيتها المتناهية من بعض الأصدقاء تجاه أصدقائهم الآخرين -أو من كانوا أصدقاءهم بعد ذلك- بلا مبرر مقنع، خصوصاً إذا كان بعض من أتحدث عنهم ليسوا بجديدين على تقلبات أحوال الحياة وازدواجية وتلون من قُدِّر لهم أن يمثلوا -بلغة الزمان والمكان شيئاً من تاريخهم الشخصي ذات يوم- وهذا ليس في الساحة الشعبية فحسب، بل فيما سواها أيضاً.. فلماذا لم يعد ينظر البعض إلا -لنصف الكوب الفارغ- من عمر هذه الصداقة..؟! أهو الجحود ونكران إيجابية ومواقف بعض - من كانوا أصدقاءهم..؟! الذي هو في المقابل انسلاخ ونكران بحزء من ماضي العمر (واللي ماله أول ماله تالي) يقول الشاعر البحتري:
مَنْ لا يُودي شُكْرَ نِعْمَةِ خِلهِ
فَمَتى يؤدي شُكْرَ نِعْمَةِ رَبّه
ثم إن التوجّس من الناس والانطواء عنهم بذريعة الصدمة من البعض هو تعميم -واهي- ولا ينم عن عقل راجح مع تقديري لقول الشاعر ابن الرومي:
عَدوَّك مِنْ صدِيقكَ مُسْتَفَادٌ
فلا تَسْتَكثِرنَّ مِنَ الصِّحابِ
فإِنَّ الدّاءَ أكْثَرُ ما تَرَاه
يَحُولُ مِنَ الطَّعامِ أَوِ الشَّرَابِ
ولا بد من ترويض النفس وكبح جماح ألمها ومعرفة أن هناك -علاقة طردية وليست عكسية- بين عقل المرء وهمومه في الحياة.. يقول الشاعر الفرزدق:
إِذا قَلَّ عَقلُ الْمَرء قَلَّت هُمُومُه
وَمَنْ لَم يَكُنْ ذَا مُقْلةٍ كَيْفَ يُبْصِرُ
ولا بد من توظيف -الفراسة- والفطنة في اختيار الصديق لتحاشي تبعات - سلبية صداقة ما كان لها أن تبدأ - يقول الشاعر عبدالله اللويحان:
من عاش في حيله وكذب وتهاويل
يا سرع من عقب الطلوع انحداره
ويقول الشاعر/ سعد بن هتيمل الدوسري:
ارجي ثلاثٍ فيك من دون منَّه
الدين الأول والكرم والشجاعة
الرجل لا من الثلاث أفختنّه
لا ينبغي زوله ولا به طماعه
ويقول الشاعر/ عبدالله بن صقيه:
اللي يريد الطيب يبعد عن الميل
ما ينسكن قصرٍ تبيّن عيابه
الحر ميقاعه بروس الشخانيب
ياللي عليك طيور دارك تشابه
abdulaziz-s-almoteb@hotmail.com