سجّل الشباب الذين تم القبض عليهم، وهم يستعرضون بالأسلحة النارية، أثناء تفحيطهم بالسيارات، رقماً جديداً يُضاف للأرقام السابقة، في مجال الاستهتار بالحضور الأمني. ولعل آخر هذه الأرقام، هي التعري والرقص، وهي ظاهرة أشار الكثيرون، وأنا من ضمنهم، إلى خطورتها، ليس على مستوى مخالفة الأعراف والأخلاقيات، بل الاستهتار مرة أخرى بالحضور الأمني. وهو حضور ارتبط لدينا بالأجهزة العسكرية الصارمة، وهي أنظمة لا تتعامل إلا مع المجرمين والمهربين والقتلة واللصوص.
ما نحتاجه اليوم، بالإضافة إلى الحضور الأمني، الذي يجب أن يستعيد هيبته عاجلاً عبر تواجده المستمر في الأحياء والشوارع وفي تجمعات الشباب، هو تواجد مدني يتواصل مع الشباب، ويصل لقواسم مشتركة مع أنماط تفكيرهم، ويحاول أن يجد بدائل تصرفهم عن التعري والاستعراض بالأسلحة والتفحيط المميت لهم ولغيرهم. وهذا الكلام ليس نظرياً، وليس مستحيلاً، فالتأثير المدني على الشاب سيكون أسهل من التأثير العسكري، طالما أن الشاب يحمل في داخله طاقة تعشق التحدي، وخاصة تحدي السلطات، سلطة الأب وسلطة المدرسة وسلطة العسكر، والأخيرة هي السلطة التي يعشق تحديها أكثر من أية سلطة أخرى.
لنؤمن أولاً بأن المؤسسات المدنية قادرة على إنجاز الكثير مما يحتاجه المجتمع، ولندعم هذه المؤسسات بكل الاحتياجات، لكي تؤدي عملها، وحينها سنرى الفرق.