«من لم يقرأ التاريخ، محكومٌ عليه أن يعيشه مرةً أخرى».
(فولتير)
* حين تريد التقاطَ صورةٍ ما، فإن أول ما تفعله هو تحديد ما ترغب بإظهاره، وهو ما سهّلته الأجهزة الذكية حين قدمت خيار الاقتصاص وبالتالي يمكنك إزالة الزوائد دون كثير عناء، فلم تعد ترى شعراً متطايراً أو يداً أو طرف ثوبٍ ظهر خطأ في الصورة!
* ظل الأقزام السبعة خارج إطار الصورة بعد أن تزوج الأمير ببياض الثلج، واحتل الضفدع في حكاية عقلة الإصبع الموضع نفسه، فلم يأبه أحدٌ لمصيرهؤلاء وكانوا مجرد «كومبارس» يدفعون بالأحداث لفوز البطل بالبطلة على نحوٍ يحقق لهما السعادة، لهما فقط!
* لقد سبقت كتب تاريخنا المجيد، والمدرسية منها تحديداً، هذه التقنيات كثيراً حين اعتمدت على قصص المنتصرين وبالتالي صار تاريخ ملوكٍ فقط كما يرى زهير سوكاح، وكانت هذه القصصُ في بعضها أو أكثرها - إن صح التعبير - انتصاراتٍ خلّبيةً «الحديثة منها على وجه الخصوص»، وأغفلت الجانب أو الجوانب الأخرى المظلمة للقمر!
* ينطوي سرد التاريخ على كثيرٍ من التقديس لشخوصه قد يصل إلى ما يشبه التأليه أحياناً، فالموصوف بالغ الكمال معصومٌ عن الخطأ، وربّما ترك ذلك أثراً يشبه التدجين فيؤول حالنا إلى أن نغدو بيادق شطرنج تتلاعب بها أيدي مدوني التاريخ بصورةٍ غير مباشرة، فلا تقبل بعدها عقول المتلقين أي روايةٍ مغايرةٍ، وإن عزّزتها وثائق وبراهين! تفتقر كثيرٌ من كتب التاريخ إلى ترجمة الشخصيات دون «اقتصاصٍ»، وإلى سردٍ للأحداث بأبيضها وأسودها وكل ألوانها، بما يمكّننا من الحصول على رؤيةٍ مقبولةٍ لأزمنةٍ لم نعشها لسببٍ أو لآخر!
* يمكن للمهمّشين أن يكتبوا تاريخهم الخاص الذي قد لا يكترث كثيراً لانتصارات فلانٍ أو انكساراته، «فالمسجديون» الذين لم يعرض الجاحظ أسماءهم قدموا خبراتهم «الظريفة» في «التوفير والاقتصاد»، وكذلك فعل غرباء الأصفهاني حين أرّخوا «لفعل الحنين» بجدارياتهم المغفلة من الأسماء أيضاً، ومثلهم عمال بناء الأهرامات الذين غادروا الدنيا تاركين خلفهم إحدى عجائب الدنيا السبع التي سمّيت باسم الملك دون أن يحظوا بأدنى إشارةٍ إلى مجهودهم الجبار ومات الكثير منهم ليحيا فرعون وذكره إلى يوم يبعثون!
* من/ ما يقع خارج «الكادر» ليس بالضرورة نكرة!