|
منذ زمن أهداني سفير هولندا حينذاك في المملكة كتاباً بالعربية، قامت مملكة هولندا بطباعته، بعنوان «هولندا والعالم العربي».
للوهلة الأولى حسبت الكتاب نوعاً من الخطاب الدعائي الذي يدغدغ مشاعر العرب حول المواقف السياسية أو الاستمالات الاستثمارية، غير أنني سرعان ما غيّرت فكرتي بعد أن تصفحت الكتاب؛ ذهلتُ لمحتواه الثقافي والفني والتاريخي الذي يرصد لعلاقات هولندا مع العالم العربي من القرن السادس عشر الميلادي، من خلال الرحلات التي قام بها بعض الرحالة والفنانين التشكيليين للمشرق العربي!
ضم الكتاب لوحات وخرائط فنية لبعض المدن والعواصم العربية، من بينها مكة والقدس، وغيرهما.
وهذا غيض من فيض لما في مكتبات وأراشيف الشرق والغرب من كنوز عربية، لا يعرف طريقها إلا قلة قليلة من الباحثين العرب.
توارد إلى ذهني سؤال: كثيراً ما نسمع عن اتفاقيات ثقافية بين البلدان العربية وتلكم الدول الحاضنة للذاكرة العربية، ومنها ما يخص تاريخ ماضي المملكة العربية السعودية، ولكن أين تفعيل هذه الاتفاقيات؟ لماذا اقتصر التفعيل على الذهاب إليهم بقليل مما لدينا، ولم ندعوهم إلينا بكثيرهم المبهر؟
أسابيع وأيام ثقافية لنا طافت أنحاء العالم، تحمل تراث وفنون هذا البلد، وهذا جيد، ولكن لماذا لم نرَ استضافة لما لديهم في بلادنا؟
لِمَ لا تستضاف الأعمال التشكيلية والفوتوغرافية والتوثيقية التي دونها ورسمها وصوّرها رحّالوهم، من خلال معارض سيارة داخل المملكة، ولا تقتصر على مراكز النُخب والمدن الكبرى؟
رحل ويلفرد ثايسجر قبل عقد من الزمن ومكتبته تحوي مشاهداته ومئات الصور الفوتوغرافية التي لم تبصر النور في بيئتها الطبيعية هنا، بينما شاهدها من لا تعنيهم أكثر منا؟
وقبله كانت أعمال (سنوك هرخرونيه، وفيلبي، وليبنز، وتويتشر) وغيرهم كثر، وعشرات الاستطلاعات لمجلات عالمية كبرى مثل (نشونل جغرافك).
لهذا يجب أن نعود لتنشيط استضافة الأسابيع الثقافية العالمية للدول والمراكز الثقافية بما فيها من فنون لنا وفنون لهم، ونعزز تلاقح الحضارات التي يدعو لها حوار الحضارات وأتباع الأديان.. والخروج من هذه الانعزالية التي تفصلنا عن الماضي والمستقبل.
وهنا تقع المسؤولية على عاتق هيئة السياحة والآثار ووزارة الثقافة والإعلام لتنشيط تفعيل الاتفاقيات الثقافية التي أبرمتها المملكة مع بلدان العالم؛ ليرونا ونراهم عن قرب.