حزنت كثيراً لوفاة الكاتب الصحفي والأديب الأستاذ راشد الحمدان - رحمه الله -، وحزنت قبل ذلك لغيابه الطويل عن الساحة الصحفية والثقافية منذ أن توقف عن الكتابة قبل عدة سنوات لأسباب منها - وليس كلها - المرض الذي منعه من مواصلة مشواره الكتابي الطويل، وخصوصاً في السنتين الأخيرتين.
راشد الحمدان رجلٌ متعدد المواهب، فهو كاتب ساخر، وصحفي، وشاعر، وناقد أدبي، ورجل تربية وإدارة.. وعلى المستوى الشخصي يشهد له من عرفه عن قرب بالاستقامة والأخلاق الحميدة ولطف المعشر.
بدأت أقرأ لراشد الحمدان - رحمه الله - عندما كنت تلميذاً في المدرسة الثانوية، وكان يومها نجماً في الكتابة في الشأن العام وفي المجال الرياضي.. لكن ما كان يجذب إلى متابعة مقالاته وأعمدته الصحفية التي تغيرت عناوينها عبر الزمن وبقي جوهرها واحداً هو أسلوبه الساخر الجميل.. ولم تكن سخريته جارحة، ولم يكن يتجاوز ذلك الخط الرفيع الذي يفصل ما بين الكتابة الساخرة الجميلة والكتابة ثقيلة الظل التي تتصنّع السخرية.
عَرَفتْ صحافتُنا بعض الأسماء القليلة لكتَّاب ساخرين رحلوا عن هذه الدنيا مثل أمين سالم رويحي ولقمان يونس - رحمهما الله - وآخرون هجروا الكتابة الساخرة، إما جزئياً أو بالكامل مثل عبد العزيز السويد الذي سرقته الكتابة في القضايا الاجتماعية وزياد الدريس الذي خطفته اليونيسكو وأسماء أخرى قليلة، بعضها لا يزال في بداية الطريق ولم يشتد عوده.
وكان راشد الحمدان - رحمه الله - من الأسماء التي طالما تمنيت أن تستمر في حضورها على الساحة الصحفية بذات الوهج الذي كان يشع من أعمدته الصحفية «من السحارة» و»شماريخ» وقفشاته الساخرة التي كانت تنشرها الصحف في لقطاتها الاجتماعية والأدبية.. لكن الحمدان ظل يبتعد عن الكتابة شيئاً فشيئاً حتى كاد القراء ينسونه وخسرنا في النهاية كاتباً ساخراً، ونحن كما يقول الكاتب الراحل محمد حسين زيدان - رحمه الله - «مجتمع دفان» لا يكاد يغيب عنه الكاتب قليلاً حتى ينساه، لكن هذه بالطبع سنّة الحياة وليست صفة ينفرد بها مجتمعنا.
أُشاطر الزملاء الذين كتبوا عن الفقيد العزيز وطالبوا بجمع ونشر إنتاجه، وتلك مهمة تتطلب مَنْ يتصدى لها بمهنية وليس مجرد الجمع العشوائي، وخصوصاً الكتابات التي يمكن أن تدخل في باب الأدب الساخر لما لها من قيمة أدبية.
أسأل الله أن يتغمد راشد الحمدان برحمته، فقد أمتعنا بكتاباته وسعى من خلالها إلى الإسهام في الإصلاح الاجتماعي والمشاركة في تنشيط الساحة الثقافية والأدبية.
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر