طالعت مؤخراً ما كتبه الدكتور حرب الهرفي في صحيفة الجزيرة بخصوص شركة المياه الوطنية والانتقادات, وحقيقة لم أجد في مقاله سوى انتقادات مبنية على مواقف شخصية أو هكذا فهمت من قراءتي للمقال, وللأسف الشديد فإنّ الانطباع الذي يبنى على مواقف شخصية خاصة ومحصورة، غالباً ما يكون انطباعاً غير منطقي وغير مقنع, ولست بمعرض الدفاع عن أحد أو مديح أحد, بل الفكرة الأساسية من هذا التعقيب هي أنّ علينا عندما نعرض قضية عامة تخص مؤسسات تقدم خدمات عامة، أن نتعامل معها بموضوعية ومنطقية تبنى على أُسس علمية حقيقية, نقرأ الأرقام والبيانات ونبني عليها وجهات نظرنا، وبالتأكيد ليس هناك عمل كامل فالكمال لله وحده، ولا بد من وجود أخطاء، ودورنا في الإعلام المساعدة في تصويب الأوضاع من خلال تقديم الأفكار والمقترحات البنّاءة، أو بأضعف الإيمان الإشارة إلى العلل إن وُجدت وإبداء وجهة النظر فيها.
نحن نعاني مشكلة في موارد المياه هذه حقيقة, ولدينا شح في مصادرها ومع هذا فنحن نشجع على التوجُّه إلى الزراعة رغم ما تستهلكه من كمية مياه كبيرة, ويبقى لدينا مشكلة حقيقية تتمثّل في نظرتنا إلى ملف المياه بشكل عام, أو فلنسمّها الثقافة المائية, فنحن نستهلك المياه بكميات هائلة جداً وفي أمور لا ترد نفعاً, وثقافتنا المائية نحو ذلك ناقصة وغير واضحة ونتغاضى أو نتجاهل ذلك.
وما أسهل أن ننتقد هذا الجهاز بينما كان علينا أن نساهم في وضع الحلول وتصنيف المشاكل وتبيان أسبابها وآثارها, أما أن نرمي التهم جزافاً ونقيِّم إنجازات هذه الشركة بناءً على زيارة حصلت في يوم أو مقابلة حدثت في دقائق، فهذا غبن للوطن ومقدراته وإنجازاته, وعندما يكون لدينا سلاح كسلاح الإعلام، فينبغي أن نتقي الله فيه، ولا نكن كمن يفرغ غضبه ليسدد ديناً أسلف به.
كثيراً ما راجعنا مؤسسات حكومية ووجهنا بخلل في المعاملة أو المقابلة أو أُجلت أو أخرت أو حتى رُفضت, لكننا نعي جيداً أن هناك من الطرق القانونية التي تعطينا وتحفظ حقوقنا وتساهم في حل مشاكلنا دون الحاجة إلى التشهير واغتيال جهد المسؤولين، أو اتباع سياسة جلد الذات التي لا تصنّف إلاّ أنها لغة الطابور الخامس دائماً.
شركة المياه الوطنية لها من الإنجازات الكبيرة والكثيرة والدور الكبير في تقديم الخدمات المائية للمواطنين ما لا يمكن إنكاره, وسبق لي أن اطلعت على بعض من الأرقام والبيانات التي تؤكد أنّ الشركة تقوم بجهد غير مسبوق في توفير أفضل الخدمات للمواطنين، وأنّ المطلوب أن نتعامل معها بموضوعية.. وأن نتقى الله في وطننا ومؤسساته وأن نكون يداً تغرس شجرة تثمر، لا يداً تحمل معولاً لتهدم.
- د. طلال بن سليمان الحربي
alharbit@gmail.com