سرامانا ميترا:
تصوّر أنك تبادر بمشروع للمرة الأولى، وأن الفكرة جاهزة، وأنّك تتوق للانطلاق، ولكنك لا تملك أي سيرة في مجال جني المال لمصلحة المستثمرين. وإن لم تكن جاهزاً للقيام بالاستعدادات الضرورية ليكون المفهوم الذي استحدثته قابلاً للاستدامة، ولم تتمكّن من إقناع المستثمرين بوجود طلب فعلي على ما تقدّمه، فلن تجد من يحرّر لك شيكاً، ولا سيّما إن كان من أصحاب رؤوس المال المجازف، أو حتى من المستثمرين المموّلين غير الرسميين.
ولكن فلنفترض أن فكرتك قابلة للتطبيق، ولكنها ليست من فرص السوق بمليارات الدولارات. فما الذي ستفعله آنذاك؟ فكر في الأمر: إنّ فرص العمل المتوفرة بقيمة 5 ملايين أو 10 ملايين أو 20 مليون دولار تزيد بكثير عن فرص العمل بمليارات الدولار، حيث إن هذه الأخيرة لا تتناسب مع نموذج رأس المال المجازف، ولكن في حال بنيتَ شركة تدر عائدات بقيمة 15 مليون دولار سنوياً وأرباحاً بنسبة 30 في المئة عاماً بعد عام، فما الضرر في ذلك؟
في خريف العام 2007، التقيت بسريدهار فمبو، الرئيس التنفيذي لشركة «زوهو». وفي ذلك الوقت، لم يكن أحد قد سمع به. وكان سريدهار يملك شركة إدارة شبكات صغيرة تعمل بشكل أساسي كبقرة حلوب مربحة (أي شركة فرعية تعمل كمستودع لفوائض رأس المال)، ولم تكن الفكرة مذهلة إلى هذا الحد، ولكنها منحته سيولة يتصرف بها.
والواقع أنه تصرّف بها. وقرّر السعي لبلوغ مكانة موقع Salesforce.com، باللجوء إلى منتج منافس، يساوي سعره سدس السعر الذي فرضته شركة Salesforce.com الرائدة في السوق. وعرض المنتج على الشركات الصغيرة، وتلهّف عليه العملاء. وبعد ذلك، بدأ أصحاب رؤوس الأموال المجازفة يطاردونه من كل أنحاء سليكون فالي، وبدأت تتدفق إليه عروض الاستحواذ بسرعة، وصولاً إلى العام 2013، حيث أصبحت «زوهو» شركة تحقق عائدات بقيمة 200 مليون دولار سنوياً، علماً بأنّها بنيت من دون أي رأس مال خارجي.
وإن قمتَ بتحليل دراسة هذه الحالة، سيلفتك أن أول فكرة أعمال أطلقها سريدهار لم تكن قابلة للتمويل. وقد قام بالإعداد لها عبر إقدامه على البيع للعملاء في أبكر وقت ممكن. إلى ذلك، عمد إلى توسيع شركته من الداخل، بمساعدة عائدات وأرباح، بدلاً من اللجوء إلى رأس المال الخارجي. ولكن ما إن بدأت الشركة تدر أرباحاً مقبولة، حتى قرر سريدهار السعي وراء فرصة قد تكون أكبر حجماً.
أما المنطق من الرواية، فيفيد بأن صاحب مشروع ذات فكرة أصغر وغير قابلة للتمويل يستطيع، حتّى هو، بناء شركة رائعة. ومن الضروري أن تأتي السيولة الأساسية من العائدات، وليس من التمويل. ولكن في وقت لاحق، ومع انطلاق الأعمال والبدء بتحقيق الأرباح، قد يتسنّى لها توفير الفرصة والسيولة الضروريتين للذهاب في إثر فكرة أكبر.
- سرامانا ميترا مؤسسة شركة «وان مليون باي وان مليون»، حاضنة الأعمال عبر الإنترنت، التي تهدف إلى مساعدة مليون صاحب مشروع عالمياً لبلوغ عائدات بقيمة مليون دولار وأكثر.