بيتر بريغمان :

ثمة فرق كبير بين ما نعرفه عن القيادة وما نفعله عندما نكون في منصب قيادي. الصعوبة في القيادة لا تكمن في جانبها النظري، بل العملي. فالأمر لا يتعلّق بأن تعرف ما يجب قوله أو فعله، بل باستعدادك لاختبار الانزعاج والخطر والشكوك المرتبطة بقول أمر ما أو فعله. وبمعنى آخر، يتمثّل التحدي الحاسم للقيادة، في معظم الأحيان، بتحدّي الشجاعة العاطفية. الشجاعة العاطفية هي التميُّز عن الآخرين من دون الانفصال عنهم. هي رفع الصوت عندما يسكت الآخرون، والإبقاء على العزم، والواقعية، والمحافظة على رباطة الجأش في وجه الشكوك. ويعني ذلك أيضاً الاستجابة بطريقة منتجة إلى المعارضة السياسية، من دون أن يتم تهميشك، أو تشتيت اهتمامك أو إفقادك تركيزك. تلك هي الأمور التي تميّز القادة النافذين عن الضعفاء. ومنذ أن بدأت أعلّم القيادة، خلال رحلات تسلّق جبال في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، استحوذ عليّ السؤال حول كيفية تطوير القادة. وقد صمّمت وعلّمت الأمور كافةً، بدءاً ببناء الفرق ليوم الواحد، ومروراً بالرحلات إلى البرية لمدة ثلاثين يوماً، وبعمليات المحاكاة وبالدورات في مجال القيادة التنفيذية. ويقضي الهدف من أي برنامج تطوير قيادة بتغيير السلوك. وفي أعقاب برنامج ناجح، من الضروري أن يبرز المشاركون بحلّة مختلفة، وأن يقولوا ويفعلوا الأمور بطرق مختلفة تسمح بتحقيق نتائج أفضل. وبالنظر إلى هذا المقياس، كان الفشل مصير معظم أفعال – والأفعال التي رأيتها لدى الآخرين. ولا شك في أن التدريبات ممتعة ومثيرة للاهتمام في مجمل الأوقات تقريباً. ولكنها قد لا تؤدّي إلى تغيّر ملحوظ ومستدام في السلوك، تتأتى عنه نتائج أفضل من بعد البرنامج. وإليكم السبب: إننا نعلّم أموراً غير صحيحة باللجوء إلى الطرق الخاطئة. وإن كان تحدّي القيادة يكمن في الشجاعة العاطفية، فمعناه أن الشجاعة العاطفية هي ما نحتاج إليه للتعليم. ولا يمكنك الاكتفاء باستكشاف المعلومات عن التواصل، بل عليك أن تفعل ذلك في اللحظة ذاتها، عندما يكون الضغط قائماً، وعندما تكون العواطف قوية. وفي كل الأمور التي اختبرتها، اكتشفت أمرين يؤديان إلى نتيجة: 1. دمج تطوير القيادة بالعمل بحد ذاته، حيث أن هذه البيئة مثالية، ليكون التعلّم والعمل بلا شوائب. 2. تعليم القيادة بطريقة تتطلّب شجاعة عاطفية، مع العلم بأن الطريقة الوحيدة للتعليم على الشجاعة تقوم على مطالبة الناس بها، وتقضي بمنحهملفرص لاختبار حالات فعليّة، يشعرون فيها بالانزعاج وتحثّهم على تمضية الوقت الضروري للتواصل مع الأحاسيس المرافقة للوضع القائم.