عندما أعلنت شركة كيان السعوديَّة رسميًّا عن بدء التشغيل التجاري لمجمعها الصناعي قبل نحو عامين، كنت حينها قد كتبت العديد من المقالات منتقدًا فكرة التشغيل التدريجي لما سيكون لهذه الفكرة الغريبة من انعكاسات سلبية على الأداء الذي أقدَّمت عليه إدارة الشَّركة لتغطية تأخر تنفيذ المشروع كاملاً عن موعده المحدد من 2010م إلى 2014م، وذكرت حينها بالحرف «أن مساهمي الشَّركة سيكتشفون لاحقًا أن الأرباح التي سيتم تحقيقها من هذا المجمع الضَّخم ستكون أقل كثيرًا من توقعاتهم إلى أن يَتمَّ التشغيل الكامل للمجمع نهاية عام 2014 على أقل تقدير».
كنت حينها أتوقع أن تحقَّق الشَّركة أرباحًا متواضعة لا تتناسب مع طموحات مساهمي الشَّركة وبالتأكيد لم أكن أتوقع على الإطلاق أن تحقَّق صافي خسائر لعدة اعتبارات من أهمها دعم أسعار اللقيم والطَّاقة الرخيصة والأرض شبه المجانية والإعفاءات الجمركية على المعدات إلى جانب دعم الشَّركة الأم (سابك)، والآن وبعد مرور عامين كاملين على التشغيل التجاري لغالبية المجمع العملاق لا تزال الشَّركة تعلن عن تحقيق صافي خسائر فصلية بِشَكلٍّ متسلسل وبأسوأ مما كنت أتوقعه شخصيًّا، بل وما كانت تتوقعه غالبية الشركات الاستثماريَّة المرخصة من هيئة السُّوق الماليَّة التي تقدم تقارير دورية عن الأداء المتوقع مستقبلاً للشركة، وهو -بلا شكَّ- أمرٌ محبطٌ لجميع المساهمين دون استثناء.
تبرز المشكلة في أنَّه بدلاً من تقديم تبريرات منطقية لمسلسل الخسائر الذي لم ينته حتَّى الآن، اتبعت إدارة الشَّركة منذ عامين تقريبًا (أي منذ بدء التشغيل التجاري) مبدأ الصَّمت والبعد التام عن وسائل الإعلام بينما اتبعت مبدأ الوعود والمطالبة بالصبر في الجمعيات العامَّة للمساهمين وفي التقارير السنوية اعتقادًا منهم أن هذا هو التصرف السليم، إلا أنهَّم في واقع الأمر يغالطون أنفسهم بأنفسهم حيث إنهَّم منذ بدء الاكتتاب على أسهم الشَّركة عام 2007م وحتى بدء التشغيل التجاري عام 2011م كانوا يتواصلون مع جميع وسائل الإعلام بِشَكلٍّ مكثفٍ وبشفافية مطلقة، ثمَّ بقدرة قادر توقفوا عن ذلك في أصعب الظروف وهذا بحدّ ذاته تناقضٌ واضحٌ في تعاملهم مع مفهوم الشفافية الذي يبدو أنّه لن يظهر إلا مع الأخبار الجميلة فقط.
نحن نتفهم تمامًا أن أيّ شركة بتروكيماوية قد تواجه مصاعب تشغيلية عند بدء التشغيل التجريبي أو حتَّى بعد التشغيل التجاري كما حصل مع شركات اللُّجين وبترورابغ، لكن الذي لم أفهمه حقيقة هو حالة الإحباط الشَّديدة التي وصل لها مساهمو شركة كيان مع إيصالهم لسعر سهم الشَّركة في السُّوق لمستوى أصبح قريبًا جدًا من القيمة الاسمية التي اكتتب بها الجمهور قبل 6 أعوام وهذا لم يحصل حتَّى الآن مع اللُّجين أو حتَّى بترورابغ مما يدل على حجم التشاؤم الذي وصلوا له بالمقارنة مع غيرهم ولا نلومهم في ذلك، لكننا نسأل الله العلي القدير أن يعوّضهم خيرًا وأن تبدأ الشَّركة قريبًا في تحقيق صافي أرباح فصلية تعيد لهم ولو جزءًا من الثِّقة المفقودة إنه سميع مجيب.
twitter@mfalomran