خلايا المخ تقدر بمائة مليار خلية عصبية وتتركز هذه الخلايا العصبية في طبقة يبلغ سمكها (2 ملليمتر) على السطح الخارجي للحاء المخ والمعروف بمادة الدماغ السنجابية، وعلى مدار الحياة يتعين على العقل أن يعالج (3 مليارات)

محفزا كل ثانية لتبقي الإنسان مستيقظاً، والآن لنفكر في هذه الحقائق وهي إن مقياس ذكاء العقل البشري المتوسطة يكون (100) وفي الشخص العبقري (160) ويستخدم الشخص المثالي ما نسبته (4%) فقط من إجمالي القدرة العقلية المتوفرة لديه، وعليه فإنه من الواضح أن هناك سببا واحدا جيدا لتطوير القدرات العقلية وهو: أن هناك ما نسبته (96%) من قدرة العقل هي جاهزة في الانتظار من أجل التطوير، أن العقول الذكية هي التي تفكر في جميع جوانب الحياة دقها وجلها لينها وصلابتها، لكن العقول التي تفكر من جانب أحادي واحد، ولا تفسح المجال للآخرين، والتي تفكر بحقد مسبق وكراهية مسبقة وتفكير سقيم مسبق على ضوء إرث ثقافي معين دون التحقق والتفكر والتدبر والتأمل هي عقول غير ذكية وجامدة وغير قابلة للتطور والنماء والحياة، يقول الدكتور الفسيولوجي (اندرو كونواي ايفي): (ولكي يُفكر الإنسان تفكيراً مستقيماً لا عِوَجَ فيه ولا نفور، عليه أن يُحرر عقله من الأنانية والأحقاد ومن كل ما يعوق التفكير الصافي السليم فلقد إقتضت حِكمة الله أن يستخدم الإنسان عقله وإرادته وحُريَته في اتخاذ القرارات اللازمة لمحاربة الشرور...) إن تفعيل العقل وتحريكه بالأفكار الحية يسهم في خلق بيئة حياتية صحية بمعدلات كبيرة ويسهم في تنظيم الخارطة الذهنية للأفراد والمجتمع بنسب عالية تمكن الناس من خوض غمار الحياة بقناعات ومفاهيم ناضجة تقودهم إلى الفاعلية والتأثير المنشود بمعدلات فائقة وغنية وسلسة، وترفع عندهم أدوات الحس الإيجابي وفق أطياف فكرية مختلفة ومتنوعة تصب كلها في خانة ذائقة الحياة وجماليات أهدافها، وتسهم في نشر منهجيات التفكير ومهارات النضج الفكري مما يعكس التأثير المباشر على الإنتاج والإبداع والتفوق البشري بأشكال طيفية غاية في الدقة والتفاعل والجمال، نتيجة تناقل وتلاقح الأفكار البشرية كدوائر تأثيرية بعضها البعض، أنك لا تكاد تفتح صفحة من المصحف الكريم إلا ووجدت الدعوة صريحة إلى استعمال العقل وتفعيلة، والدعوة إلى التفكير في النفس والآفاق وجوانب الحياة كلها للوصول إلى الحقيقة الإيمانية الكبرى وترسيخها في العقول والدعوة إليها وفق صور ومواقع شتى، إن التفكير الذكي السليم وتفعيل العقل يحمي الأفراد والمجتمعات من الانحراف والشطط والوقوع في المزالق والمنحدرات الخطيرة وتبعدهم عن سيطرة الخرافة وأعمال الجاهلية وأصفاط المفاهيم التخلفية المشوهة والانغلاق والتقوع والتوحد والانعزالية الضيقة، أن تفعيل القدرات العقلية وحثها على الإنتاج الفكري بالتحديث والتجديد والابتكار يعتبر دافعا قويا للنجاح والتقدم، إن العقول المعطلة الجامدة والمعيقة وباء كبير ومهول وماحق وخطير على حياة الناس كأفراد ومجتمعات تؤدي بهم بالركض نحو الخلف بصور سيئة مقيتة، قال أفلاطون (إن المعرفة الّتي تُقْتنَى بالإكراه لا تَعلقُ بالعقل، كما أنّ المعرفة تتحوّل شرًّا إنْ لم تكن غايتُها أخلاقيّة) إنها دعوة صريحة لتفعيل العقل في التفكير والتدبر والاستنتاج والاستنباط لمواجهة التحديات الحياتية الكبرى في مختلف صورها وأشكالها ومناحيها وتشعبانها ومواردها، إن تفعيل العقل يعني الوعي واليقين بعيدا عن الخرافات والأوهام والإيحاءات والخزعبلات والتكلس.