Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 22/07/2013 Issue 14907 14907 الأثنين 13 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

دخلت أم سعود إحدى “العزايم” الرمضانية التي دعيت إليها بعد أن أقلّها سائقها الباكستاني “إزهار”، لم تكن على عادتها منشرحة الصدر تهلي وترحب بالجميع، بل إنها وعلى غير العادة كانت تحلّق مع هواجيسها وتسرح مع خيالها.. فبادرتها إحدى المدعوات بلهجة مستنكرة: هاو وشفيك يا أم سعود؟ وش بلا الهواجيس ماخذتك منا؟ عسى ما شر؟! فثارت يائسة تشرح وتوضح أنّ ما يشغل بالها هو قرار سائقها الجديد ومساومته لها, إما أن تزيد راتبه أسوة بغيره من سائقي البلد, أو أن يغادر المنزل بحثا ًعن راتب أفضل - قد لا يتناسب مع دخلها المتواضع - تساءلت إن لم تقبل بعرضه الجديد فمن سيقلها إلى عملها كل صباح؟ ويوصلها لتنجز مهامها وتقضي حاجياتها, ثم غزاها الغضب والقهر فجأة وتساءلت بأيّ حق أسلم هذا الرجل الغريب نصف راتبي الذي أنا أحق به، كما أني بأمسّ الحاجة لكل ريال منه؟ المفاجأة كانت أنّ جميع الحاضرات من النساء كان في جعبتهن قصص مشابهة وهموم مشتركة حول هذا الرجل الذي فرض على واقعهن اليومي, فتعالت أصوات الهموم في داخلهن وبدأت كل امرأة تشرح واقعها الحزين والمذل مع السائق, فهذه تشتكي بأنّ سائقها كاد يودي بحياتها أكثر من مرة بسبب كبر سنه وضعف بصره ليلاً, ولكنها مضطرة لإبقائه وإن كلفها ذلك حياتها, وأضافت أنها ذاقت الأمرّين سابقاً حين سافر سائقها فجأة فوجدت نفسها تعتزل الحياة تدريجيا ً وتتعطّل مشاريعها ومصالحها واحداً تلو الآخر, وكأنها على كرسي متحرك لم تجد من يدفعه أو كائن درجة عاشرة محروم من قيادة حياته دون ذلك الرجل - غريب البلد والدين والمعتقد - الذي يقلّها من مكان إلى آخر, بسبب مزاج ورؤية زمرة من البشر اعتقدت أنّ قيادة المرأة مفسدة أكثر من كونها مصلحة.

ثم صرحت أخرى بأنّ سائقها تجاوز موضوع المساومات المالية, وبات يستغل بخبث حاجتهم الماسة المذلة إليه طالباً بكل ثقة “لاب توب” وحين قرروا أن يستجيبوا إلى طلبه كارهين وآثروا منحه أحد الأجهزة القديمة لديهم والتي تعمل بشكل ممتاز حسب وصفها, رفض رفضا ً قاطعاً مطالباً بجهاز جديد, فإما اللاب توب وإما الوداع!.

أما المضحك فعلاً فهي قصة أم عبد لله وهي إحدى الحاضرات التي كان لها شكوى من نوع آخر ألا وهي أنّ فطور منزلها الرمضاني لا يلاقي استحسان سائقها مما بات يشكّل قلقاً وهاجساً ملحاً لديها, أن تصحو يوماً من نومها وتجد أنّ سائقها المحروس ترك العمل ورحل بلا عودة عقوبة لها ولطبخها قليل الملح أو مسلوب النكهة, ما جعلها تتفنّن في إعداد الأطباق وتزيد من أصنافها في حال لم يعجبه أحدها.

نعم, هذا هو حال شريحة كبيرة من النساء السعوديات, وهذا هو جزء من حكاياتهن المأساوية حيناً والكوميدية أحياناً أخرى مع السائق, الذي بات يستحوذ على جزء لا يستهان به من تفكيرهن, ويسبب لها أحياناً قلقاً قد يؤدي إلى أمراض القلب والسكري لا سمح الله, كما أنه أضحى بطل أحاديثهن وسهراتهن وجمعاتهن مع الأهل والأصدقاء, وصار يتفوّق أحياناً على الزوج والأبناء بأهميته وحضوره القوي في حياتهن فألم يقولوا يوماً وراء كل امرأة ناجحة وعايشة حياتها.. سواق يوديها ويجيبها!.

تُرى من خلف هذه المأساة التي تتكرر يومياً بامتداد أرض المملكة واتساعها؟ من جعل المرأة السعودية تلك الكريمة المهانة ضحية مزاج سائق حيناً وتزمُّت تيار ديني أحياناً أخرى؟ من يتحمّل ثمن هذه المعاناة الطويلة؟ ما ذنب كثير من الأسر السعودية البسيطة كي تستقطع من راتبها لشخص تكره وجوده؟ وجوده الذي يذكرها بحجم الظلم وعدم الإنصاف الواقع عليها دون نساء العالمين تحت ذريعة أنها درّة مكنونة وجوهرة مصونة.

أخيراً.. هذا يا عزيزي الرجل غيض من فيض من معاناة قد لا تفهمها وأنت خلف مقودك عن واقع المرأة اليوم وقصتها الطويلة مع رجل مهم جدااا اسمه “سائق”.

Twitter:@lubnaalkhamis

ربيع الكلمة
مقال.. للرجال فقط!
لبنى الخميس

لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة