في مراحل سابقة كان الخجل مع ضعف أدوات التعبير، وتسيد ما عرف باسم (الخطاب الصحوي) قويا وصاخبا لدرجة يصعب فيها الاختلاف معه أو معارضته، بل وحتى نقده، أو التشكيك في بعض نوايا رموزه وأطماعهم..!
وكانت الكثير من نشاطات الجماعات الإسلامية يتم تغطيتها بجوانب خيرية أو إنسانية وفي سياق ديني خالص.
وفي كل حملات تبرعات ومساهمات إنسانية لصالح بلد إسلامي محتاج أو منكوب،كان هناك من يجد فرصة لجمع الأموال -التبرعات- في سياقه الخاص، ولأسباب مختلفة تماما عن الهدف الأسمى والأساسي المعلن.
ومن ثم تحويل الأموال إلى أنشطة أخرى مشبوهة توظف في النهاية ضد البلاد وأهلها الذين سعوا عن طيب نية للخير والعون. وظل استغلال أي ظرف إنساني وأي تعاطف اجتماعي لكسب المزيد من الأتباع وتجنيدهم باسم الجهاد -بكل معانيه المسلحة والسياسية- إستراتيجية ثابتة.
هذه صورة مكررة ومصغرة حدثت في فترات سابقة طويلة، وإلى قبل تفجيرات القاعدة الرهيبة في أمريكا، ثم ولعقد مر أحداث خلايا القاعدة الإرهابية- ( الجناح المسلح) وتفجيراتها في السعودية..!
بعد تلك التجارب الرهيبة أصبحت الصورة أكثر وضوحاً، وأصبح أي تضليل لنصرة جماعة أو طائفة أو تيار تخريبيا، مادياً أو معنوياً لا يمكن أن يمر هكذا كما في السابق!
وإن بقي المال هو السلاح والوسيلة، الأمثل لكسب التأييد والتجنيد، إلا أنه لا بد أن يأتي عبر رفع راية الجهاد في مكان ما، لتمويل هدف آخر، والهدف باستمرار هو تجييش الشارع -مستفيدا من النظرة الصالحة والطيبة والضيقة، ومتجاوزاً تلك الشريرة للتضحية والمتاجرة بالبشر باسم الجهاد والتمكين للأمة، إلى الهدف الثابت في مخطط أبعد لحصد لأنصار واستعراض القوة والنفوذ للوصول إلى.. السلطة..!
في مراحل سابقة كانت ( الغفلة) تنتظر صدمة تؤكد بعض الوعي بما يجري في الغرف المغلقة والمظلمة، وما يدفن تحت الأرض، وهو ما حدث فعلا بعد كشف خلايا القاعدة الرهبية وفكرها الضال والمتعاطفين معها أو الداعين إليها والممولين عنوة لنشاطاتها الإجرامية، وحدث أن كان بينها أسماء فاجأت الجميع!
إلا أن المفاجآت غير السارة مستمرة مع كل مرة يظهر لنا تنظيم سري بخلاياه يهدف لزحزحة الأمن وإعادة اللعب على الفكرة القديمة (الخلافة الإسلامية)- دولة الإسلام، ونسف لكل الحدود القومية والجغرافية والدول المدنية الحديثة..!
ولعل سياق الصدمة الأخيرة جاء في عباءة سياسية هذه المرة، وبعد فشل العنف الإرهاب في تحقيق أحلامه التدميرية، حيث تنظيم الإخوان المسلمون - كجناح سياسي، والذي عمل لعقود عبر عولمة التنظيم وخلاياه ابتداء بالخليج، وهو ما ظهر بشكل أدق مع نشوة الوصول للسلطة في تونس، ثم مصر بشكل أوضح.
لكن الفشل يعود سريعا لتلك التنظيمات مهما تبدل ثوبها الخارجي (من مسلح إلى سياسي)!
فالهدف واحد والفكرة واحدة، تدبير مخططات شريرة لضرب كيانات دول واستقرارها، تظهر على السطح سريعاً بحقيقة أهدافها، والتي طالما استخدمت لغة تدغدغ المشاعر وتتحدث عن الإسلام ودولته، وكأنها هي الإسلام، وهم من يقيم دولته، وطرد ونبذ ما سواهم، والنتيجة اختصار الإسلام في تنظيم مسلح، أو حزب سياسي،لكن الخبر السار أن كليهما ضعف، ومنع الأخير من تكرار ونقل تجربة حماس من غزة لمصر، وحتى إقناع أتباعه السذج بمستقبل لدول الخليج نموذجه الأقرب هو السودان. وداعاً لتنظيم الإخوان، الامتداد أو لنقل الجناح السياسي لتنظيم القاعدة!