تواجه بلادنا مناخاً متقلباً غريباً، فالغبار يكاد لا يغادر أجواءنا، بل إنه صار جزءاً لا يتجزأ من الطقس اليومي. وأصبح الناس يتعايشون معه بألفة بدلاً من السّخط والتبرُّم الذي بدأ معه ثم توقف!
والحق أنّ الغبار اليومي بات مزعجاً، وقد صدرت تقارير وأجريت دراسات تحذّر من دمار شامل ينتظر الحياة الطبيعية والبشرية، بسبب تأثيرات البيئة والمناخ والاحتباس الحراري، وتبالغ بوصفها بالكارثية! بل إنّ هناك تكهنات بزوال مدن بأكملها، وهلاك مئات الآلاف إن لم يكن ملايين من البشر، وانقراض أنواع عديدة من الكائنات الحية ولا نقول إلا أن هذا علمه عند الله!
وما يشغلنا حالياً هو الغبار الذي يصيبنا بالتوتر والاكتئاب، وهو يشكل جزءاً من منظومة التبدُّل المناخي المحيط بالكرة الأرضية كافة. ففي حين تكابد بعض الدول التصحُّر والجفاف؛ تعاني دول أخرى من الفيضانات والسيول، بينما تقاسي بلادنا موجة الغبار المتواصلة التي لم تنل الاهتمام والدراسة والبحث وبذل المزيد من معرفة الأسباب وعلاجها.
ولا شك أنّ التغير المناخي يحصل بسبب النشاط البشري المعتمد على الآلات، والطاقة التي تؤدي لرفع نسب الغازات الدفيئة (كالميثان) في الغلاف الجوي، فيحبس المزيد من الحرارة. والحاجة المتصاعدة للطاقة يتولّد عنها حرق المزيد من الوقود الأحفوري المتمثل بالنفط والغاز والفحم، وهذه الأنواع من المواد الأحفورية تطلق غازات تحبس الحرارة في الغلاف الجوي كثاني أوكسيد الكربون الذي يُعَد من أهم أسباب تغير المناخ، وهو بدوره يتسبب برفع حرارة الأرض بسرعة غريبة، وزاد من تفاقم الوضع انحسار الغطاء الأخضر بحجة نقص المياه؛ مما نجم عنه ثورة الغبار التي لن تهدأ حتى ننهج التصرف معها بأسلوب علمي وعملي، ونعود لأرضنا ونزرعها ونستحدث الطرق الملائمة لبيئتنا، كالتوجه لاستخدام البوليمرات الحيوية للحفاظ على المياه للوصول لتنمية أجزل اخضراراً، وطقس أوفر صفاء، وصدور أكثر نقاء.
ولإنجاز ذلك؛ ينبغي الاستثمار بكثافة وجدية في مجالي البحث والابتكار بهدف مواجهة مخاطر الجفاف والغبار وتحقيق أهداف حماية البيئة، لكونها شرطاً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة، فضلاً أنّ معالجة ثورات الغبار ستعود على الفرد والمجتمع صحياً ونفسياً واقتصادياً.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny