العُمرة في رمضان يحرص عليها كثيرٌ من الناس اقتداءً بحديث المصطفى «صلى الله عليه وسلم» عن أفضليتها حينما سألته سائلة لم تدرك الحج فقال: (عمرة في رمضان تعدل حجة)، وفي رواية (حجة معي) ولو أن بعض العلماء قال: إن قوله ذاك بأفضلية عمرة رمضان خاص بالمرأة ويمثل حالتها مواساةً لها.. كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهناك تفصيل في كتب الفقهاء.. لكننا حين نتحدث عن العمرة فينبغي أن ننتبه أنه مع مشاريع التوسعة الضخمة التي تتم الآن في الحرم المكي الشريف وهي أضخم توسعة مرت على الحرمين الشريفين، جزى الله القائمين والباذلين لها وعليها خيراً وعلى رأسهم ولي أمر هذه البلاد الذي جعل من مشاريع الحرمين همّه وجهده منذ تولىّ، ولا غرابة فهو خادم الحرمين الشريفين جزاه الله خيراً.. هذه التوسعة وتلك المشاريع الضخمة في مكة استدعى من القائمين على تنظيم الحرم المكي ومشروعاته إلى الطلب من مكرري العمرة برمضان مواطنين ومقيمين أن يُؤخِّروها أثناء مشاريع التوسعة لاسيما مع العوائل خوفاً هذا العام من الزحامات المهلكة وهذا التنظيم فيه حرص على أرواح المعتمرين وعوائلهم ولذلك فإنه من المناسب لمن كرر العمرة إلى مكة أن يؤجلها في رمضان خوفاً من الحوادث والزحام وتأجيلها إلى فتراتٍ ليست مزدحمة كشهر شوال أو أول ذي القعدة وبمناسبة الحديث عن شهر ذي القعدة فإن جميع عمرات النبي صلى الله عليه وسلم الأربع التي أداها في حياته كانت في ذي القعدة ويقول أحد العلماء: (ما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل والأكمل) وقد فتح «صلى الله عليه وسلم» مكة في العشرين من رمضان من السنة الثامنة من الهجرة وجلس فيها حتى الثاني من شوال ولم يأخذ عمرة وهذا ما دعا بعض العلماء كابن القيم الذي ناقش ذلك في زاد المعاد وابن عثيمين -رحمهم الله- إلى أنه يوجد خلاف على أيهما أفضل العمرة في رمضان أم في ذي القعدة وإن كان قول الجمهور على أن الأفضل في رمضان استدلالاً بنص الحديث المذكور أعلاه لتقديم النص القولي على الفعل.. لكن عمرة ذي القعدة معتبرة، بل ابن القيم يقول: (لم يترجح عندي أيهما أفضل من الثانية).
أيها الإخوة يقول صلى الله عليه وسلم: (من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه) إنَّ من نوى أن يترك العمرة أو يُؤجِّلها في رمضان احتساباً وتخفيفاً على المسلمين فلعل الله أن يأجره على ذلك أجراً عظيماً بأجر عمرة رمضان لأنه آثر إخوانه من خارج البلاد بالعمرة وأجَّلها لأنهم يأتون مرة واحدة في عمرهم فمن أجّلها تخفيفاً للزحام وإعطاء الفرصة للغير يأجره الله..
تقبل الله من الجميع ونسأله تعالى أن يتمم مشاريع الخير والتطوير للحرمين على أكمل وجه ويتقبل من المسلمين صيامهم وعمرتهم وصدقاتهم ويديم الأمن على بلاد الإسلام ويجنبها الفتن والمؤامرات.