الله!
كأنها يوم أمس: عندما كان أستاذنا الأديب الشاعر راشد الحمدان رحمه الله بيننا في مكاتب الجزيرة بالناصرية أو في بيته أو في استراحته أو في بيوتنا يملأ دنيانا بأحاديث عذبة ويثري صحافتنا بكتابات اجتماعية وقصائد عذبة ثم رحل عن دنيانا بعد أن غاب قلمه لسنوات ثم أخيراً غيبه الموت ورحل إلى بارئه.
أ. راشد الحمدان - عليه رحمة الله أكرمه الله بصفات على المستوى الشخصي، وعلى الجانب الكتابي، فعلى الجانب الشخصي: كان أنموذجاً غفر الله له للبساطة والتواضع رغم مكانه الوظيفي العالي ومكانته الاجتماعية الرفيعة.. أذكر من فرط بساطته أنه جاء إليّ ((بالمجلة العربية)) يسلم أحد مقالاته على سيارة ((ونيت)) مع أنه يملك سيارة فاخرة لكن - كما يقول - كلها سيارة تؤدي الغرض، كان لا يحفل بالمظاهر أبداً.
***
ثاني صفاته بل أهمها: استقامته وخشيته الله سواء عندما يتكلم أو يكتب، كانت ثقافته الدينية كبيرة، وانعكس ذلك على حرفه بتمسكه بقيم دينه، فضلاً عن حرصه على قضاء حوائج الناس والشفاعة لهم.
ثالث صفاته: محبته إسعاد الناس ونشر البشاشة على وجوههم وزرع الابتسامة على شفاههم.. لقد كانت الطرفة لا تفارقه والتعليق الجميل عند أي موقف على لسانه لكنه كان - جعل الجنة مثواه - لا يسيء أو يجرح بل كانت تعليقاته لطيفة وسخريته مقبولة بل ومحبوبة.. أذكر عندما كنت محرراً بالجزيرة في بداية دخولي عالم الصحافة وكان أ. راشد أحد كتابها المشهورين.. أذكر أنني كتبت خبراً عن زميل قدم إلى الرياض من إحدى مدن المملكة، وكانت بداية الخبر: وصل الزميل فلان الفلاني إلى الرياض إلى آخر الخبر، ولكن وقع خطأ مطبعي فصارت كلمة ((الزميل)): ((الزنبيل)) وكانت مجال تندر وتعليقات لطيفة، وكان أ. راشد كلما رآني - بعدها يسألني: ((وش أخبار الزنبيل)) رحمه الله رحمة واسعة.
**
-- أما تميز الراحل الكريم على المستوى الكتابي والصحفي فهو أولاً ليس أديباً أو كاتباً صحفياً أو شاعراً بل كل ذلك، فهو كاتب زاوية يومية جميلة ((من السحارة)) وكانت زاويته تشد القراء بأسلوبها الأدبي، ونقدها اللاذع المغلّف بسخرية تجذب القارئ وتطرد السأم عنه.
وثانيها: كان إلى جانب كونه كاتباً فهو شاعر مجيد: يراوح شعره ما بين الشعر الوطني الذي يبث فيه حبه لوطنه وحضارة إسلامه، وبين قصائده الشعرية العذبة بسخريتها وأسلوبها الساخر، مثل قصائد ((الألفيات)) كما هو مصطلح تسميتها تلك التي كان يتحدث فيها عن الزملاء وصفاتهم بأسلوب مشوق وكنا نرددها ونسعد بها.
ثالثها: كانت له قراءات نقدية لبعض الكتب والعطاءات الشعرية، وإن كانت هذه اختفت بالفترة الأخيرة بعد ولوجه عالم الصحافة والتزامه الكتابة اليومية بالشأن الاجتماعي.
**
أخيراً: أدعو في ختام هذه السطور أبناءه البررة وبناته الفاضلات إلى أن يتصدوا لجمع تراث وعطاءات والدهم وهو كثير موزع بين الصحف والمجلات وأخص بهذه الدعوة ((ابنته الشاعرة)) د. هيفاء راشد الحمدان لتعمد لاختيار ما تراه من شعره ونثره مناسباً للنشر ومفيداً للأجيال ومتناغماً مع إيقاع العصر.
رحم الله أديبنا الأستاذ الكبير راشد بن محمد الحمدان وجزاه خير الجزاء لقاء ما دافع بحرفه ومجالسه عن قيم المجتمع، ومثله وسموق وطنه.
hamad.alkadi@hotmail.comفاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi- أمين عام مجلس مؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية