|
الجزيرة - الرياض:
في مبادرة فريدة وتُعد الأولى من نوعها على مستوى المملكة ودول الشرق الأوسط، أطلق سعودي مبادرة نوعية وهامة للاستفادة من مخلفات النخيل بإعادة تدويرها وتحويلها إلى منتج حطب وفحم بجودة وكفاءة عالية لخدمة المجتمع في مختلف الاستخدامات، بدلاً عن رمي هذه المخلفات بصورة عشوائية، وحرقها في المزارع، وتلوث البيئة، والإضرار بالموارد الطبيعية. وحقق مقبل الخلف المدير التنفيذي ومؤسس مشروع (جوين) المحتضن ببرنامج بادر لحاضنات التقنية بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية إنجازاً رائعاً وفاز بالمركز الأول في جائزة الإبداع الصناعي وتوّج بنصف مليون ريال من وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، لفوزه بالجائزة التي نظمتها هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن»، بهدف تنمية القطاع الصناعي السعودي بمشاريع صناعية مبتكرة، وتحفيز المبدعين والمبتكرين السعوديين وتشجيعهم على بلورة أفكار خلاّقة لإنتاج مشاريع صناعية واعدة.
ويحكي الخلف تجربته قائلاً: تخرجت من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن (محاسبة تكاليف)، وانخرطت كغيري من الشباب السعودي في سوق العمل، فعملت بأحد البنوك، ثم العمل الحر في مجال تجارة الملابس بالجملة في الرياض ودبي.. وعندما راجت تجارة الأسهم، دخلت فيها وكانت الخسائر فادحة.. بعدها اتجهت إلى تجارة التمور ولاحظت مخلفات النخيل ترمى في الأرض ويتم حرقها في المزارع، ومن هنا فكرت في كيفية الاستفادة من هذه المخلفات، وقد شجعني أكثر مقال لعالم ماليزي متخصص في مخلفات الأشجار تحدث فيه عن كيفية استفادة ماليزيا من مخلفات شجر جوز الهند في صناعة ألواح الخشب والورق، وبدأت عام 2010 في البحث ووجدت أن هذه الصناعة مكلفة جداً وتحتاج أموالاً كبيرة، وقررت الاستفادة من هذه المخلفات ولكن في منتجات أخرى حتى توصلت في عام 2011 إلى البدء بالأعمال المدنية لإنشاء مصنع (جوين) بالزلفي للاستفادة من مخلفات النخيل بإعادة تدويرها وتحويلها إلى حطب وفحم، ويُعتبر المصنع هو الأول من نوعه في المملكة ودول الشرق الأوسط.
وعن التمويل يقول: ذهبت إلى صندوق التنمية الزراعية لتمويل جزء من تكلفة المشروع، فذكروا لي أن المشروع صناعي وليس من اختصاصهم.. فذهبت إلى صندوق التنمية الصناعية فقالوا إن الصندوق يمول المشاريع الصناعية التي تكلفتها الاستثمارية تزيد عن 8 ملايين ريال، فمشروعي أقل من هذا المبلغ، وحقيقة تعبت جداً حتى تحصلت على تمويل من خلال برنامج (كفالة) يغطي 30% من التكلفة الاستثمارية وبفائدة بنكية 13%، ولذلك أتمنى أن تعطي الدولة أهمية لمثل هذه المشاريع الصناعية الوطنية لاسيما وأن المشروع يُعتبر مهماً جداً كونه يقوم على الاستفادة من مخلفات شجرة النخيل والتي تمثل في المملكة شعاراً للعلم السعودي وذات قيمة هامة للوطن ووزارة الزراعة تعتبر مخلفات نخيل التمر أكبر مصدر للمخلفات الزراعية بالمملكة.
والتحدي الآخر تمثل في تشغيل المصنع، بعد إحضار خطوط إنتاج المصنع من الصين كان هناك اتفاق مع الشركة المصنعة بإرسال فنيين للتركيب والتشغيل وكانت الترجمة والتواصل بين الفنيين والعمال صعب جداً، ولقد استعنت بمترجم صيني وكنت أيضاً أتواصل مع الشركة في الصين عبر (اسكايب) للترجمة بيني وبين الفنيين الصينيين حتى تم تركيب الخط الأول والثاني، ولكن واجهتنا مشكلة في مكائن الخط الثالث وجلسنا في الانتظار لمدة طويلة لمعالجة هذه المشكلة، بعدها هرب الفنيون وعملوا في شركات صينية أخرى بالمملكة ولكن من خلال تواصل المسؤولين في برنامج بادر مع السفارة الصينية بالرياض تم دفع تعويض لي بمبلغ 100 ألف دولار من الشركة الصينية.. وهي بالطبع بداية كل عمل لا بد من صعوبات، ونحمد الله بأننا نجحنا في تجاوز هذه الصعوبات.
وأضاف: أنا سعيد جداً لفوز مشروع (جِوين) بالمركز الأول في جائزة الإبداع الصناعي التي نظمتها هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن»، وتشرفت بتكريم معالي وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة لنا في هذه الجائزة بمبلغ نصف مليون ريال.. وبكل تأكيد سيكون هذا الفوز حافزاً لنا لتحقيق المزيد من النمو والنجاحات حتى يصبح مشروع (جِوين) إن شاء الله أحد المشاريع الصناعية الرائدة والكبرى في المملكة، ولقد وعدتنا هيئة المدن الصناعية بتقديم العديد من المزايا والتسهيلات والحوافز والخدمات المتميزة التي ستمثل إضافة قيّمة للنهوض بهذا المشروع، ودعم المشاريع الصناعية المبتكرة في المملكة.
وتابع: بدأ التشغيل التجريبي للمصنع في ديسمبر 2012 وحتى الآن استطاع إنتاج 60 طناً من الحطب و40 طناً من الفحم باستخدام 190 طناً من مخلفات النخيل.. وتم توزيع هذه المنتجات في السوق السعودي بجودة وكفاءة عالية وبأسعار منافسة ومغرية، وقد حظيت منتجاتنا بإقبال كبير من المستخدمين الذين عبروا عن ذلك في موقع (مكشات) المشهور لرواد ومحبي الرحلات البرية.
ويتم إنتاج الحطب بطول 40 سم بعبوة 5 كيلوجرامات.. وإنتاج الفحم بأحجام وعبوات مختلفة 5 و10 و30 كيلو لتناسب مختلف الاستخدامات المطلوبة في السوق.
وقال: يعمل المصنع الآن بسنة 15% فقط من طاقته التصميمية وسنصل في نهاية هذا العام في موسم الشتاء وزيادة الطلب على الحطب إلى نحو 40%، ونخطط مستقبلاً الوصول الى تشغيل الطاقة التصميمية القصوى للمصنع لإنتاج 3,500 طن سنوياً.. ويحتاج المصنع إلى 12,000 طن من مخلفات النخيل لسنوياً.. وهذه الكمية متوفرة لأن مدينة الزلفي التي بها المصنع وحدها توجد فيها 600 ألف نخلة تكفي لتشغيل المصنع على مدار العام.