طيلة عملي في المستشفى التخصصي، الذي امتد من 1985م إلى نهاية 2010م، لم أنكسر مثلما انكسرت أمام هذا المشهد:
- طفل في التاسعة من العمر، يجر محاليله الوريدية، ويتوجه لمصلى المستشفى، لكي يصلي التراويح كاملة، ويحرص على أن يكون في طرف الصف، حتى تكون الأجهزة خارجه، حرصاً منه على عدم إزعاج من يصلي بجانبه. وحينما تقع عيناك عليه، ستلحظ أنك أمام حالة خشوع لا مثيل لها.
بعد نهاية تراويح الليلة الخامسة من هذا الشهر الفضيل، جلست بجانبه، وسألته عن صحته، فحمد الله كثيراً. قلت له:
- لقد التقطت لك صورة وأنت تصلي.
وأريتها إياه، فابتسم. ذكرت له اسمي، وقلت له إنني سأنشرها في مواقع الإنترنت، لكي يدعو لك الناس بالشفاء.
- ما رأيك؟!
- ما فيه مانع. بس لا يدعون لي وحدي. يدعون لكل مرضى المسلمين.
غالبت دموعي، وقلت له:
- أبشر.
بعد أن نشرتُ الصورة في حسابي على موقع تويتر، كانت هناك تظاهرة دعاء غير مسبوقة، وإعادة تغريد بأعداد مذهلة، سواءً في حسابي، أو في الحسابات التي نقلتها عني، وحصلتْ الصورة على التغريدة «الأكثر مشاهدة»، ونقلتها العديد من المواقع المتخصصة.
اللقطة بذاتها لم تكن المؤثرة،
المؤثر كان خشوع هذا الطفل بين يدي ربه، وهو المكتظ بالمرض وبالأنابيب التي تقيده. لم يجزع، لم يتذمر، لم يقل كيف أصلي وأنا مربوط بكل هذه الأجهزة؟!
كان يصلي بمشهدية، أبكت عشرات الآلاف تلك الليلة.